وَهَذَا خِلَافٌ فِي الْأَوْلَوِيَّةِ، وَيَأْتِي بِتَسْلِيمَتَيْنِ هُوَ الصَّحِيحُ صَرْفًا لِلسَّلَامِ الْمَذْكُورِ إلَى مَا هُوَ الْمَعْهُودُ.
وَيَأْتِي بِالصَّلَاةِ عَلَى النَّبِيِّ ﵊، وَالدُّعَاءِ فِي قَعْدَةِ السَّهْوِ هُوَ الصَّحِيحُ لِأَنَّ الدُّعَاءَ مَوْضِعُهُ آخِرُ الصَّلَاةِ.
قَالَ (وَيَلْزَمُهُ السَّهْوُ
لِيَنْجَبِرَ النُّقْصَانَ بِهِ (وَهَذَا الْخِلَافُ) بَيْنَنَا وَبَيْنَ الشَّافِعِيِّ (فِي الْأَوْلَوِيَّةِ) أَمَّا لَوْ أَتَى بِهَا قَبْلَ السَّلَامِ جَازَ عِنْدَنَا أَيْضًا فِي رِوَايَةِ الْأُصُولِ. وَرُوِيَ أَنَّهُ لَا يُجْزِئُهُ؛ لِأَنَّهُ أَدَّاهُ قَبْلَ وَقْتِهِ. وَجْهُ رِوَايَةِ الْأُصُولِ أَنَّهُ لَوْ لَمْ نُجْزِهِ لَأَمَرْنَا بِالْإِعَادَةِ وَتَكَرَّرَ السُّجُودُ وَلَمْ يَقُلْ بِهِ أَحَدٌ، فَلَأَنْ يَكُونَ فِعْلُهُ عَلَى وَجْهٍ قَالَ بِهِ بَعْضُ الْعُلَمَاءِ أَوْلَى مِنْ أَنْ يَكُونَ عَلَى وَجْهٍ لَمْ يَقُلْ بِهِ أَحَدٌ مِنْهُمْ.
وَقَوْلُهُ: (هُوَ الصَّحِيحُ) احْتِرَازٌ عَمَّا اخْتَارَهُ فَخْرُ الْإِسْلَامِ وَشَيْخُ الْإِسْلَامِ وَصَاحِبُ الْإِيضَاحِ، وَهُوَ أَنْ يُسَلِّمَ تَسْلِيمَةً وَاحِدَةً تِلْقَاءَ وَجْهِهِ عِنْدَ فَخْرِ الْإِسْلَامِ؛ لِأَنَّ التَّحْرِيفَ لِمَعْنَى التَّحِيَّةِ لَا التَّحْلِيلِ: يَعْنِي أَنَّ لِلسَّلَامِ حُكْمَيْنِ: التَّحِيَّةَ لِلْقَوْمِ، وَالتَّحْلِيلَ، وَالْأَوَّلُ لَيْسَ بِمُرَادٍ فِي هَذَا السَّلَامِ؛ لِأَنَّهُ قَاطِعٌ لِلْإِحْرَامِ، وَالتَّحْلِيلُ لَا يَتَكَرَّرُ فَلَا حَاجَةَ إلَى تَكْرَارِ السَّلَامِ، وَإِذَا بَطَلَ مَعْنَى التَّحِيَّةِ لَا يَنْحَرِفُ. وَجْهُ الصَّحِيحِ مَا قَالَهُ الْمُصَنِّفُ صَرْفًا لِلسَّلَامِ الْمَذْكُورِ: يَعْنِي فِي الْحَدِيثِ إلَى مَا هُوَ الْمَعْهُودُ فِي الصَّلَاةِ، وَنَسَبَ صَدْرُ الْإِسْلَامِ قَائِلَ التَّسْلِيمَةِ الْوَاحِدَةِ إلَى الْبِدْعَةِ.
وَقَوْلُهُ: (وَيَأْتِي بِالصَّلَاةِ عَلَى النَّبِيِّ ﷺ) اخْتَلَفُوا فِي الصَّلَاةِ عَلَى النَّبِيِّ ﷺ وَالدَّعَوَاتِ أَنَّهَا فِي قَعْدَةِ الصَّلَاةِ أَوْ فِي قَعْدَةِ السَّهْوِ، فَقَالَ الطَّحَاوِيُّ يَأْتِي بِهَا فِيهِمَا؛ لِأَنَّ كُلَّ قَعْدَةٍ فِي آخِرِهَا سَلَامٌ فَفِيهَا صَلَاةٌ عَلَى النَّبِيِّ ﷺ. وَقَالَ الْكَرْخِيُّ فِي قَعْدَةِ السَّهْوِ: وَاخْتَارَهُ فَخْرُ الْإِسْلَامِ وَالْمُصَنِّفُ وَقَالَ وَهُوَ الصَّحِيحُ؛ لِأَنَّ الدُّعَاءَ مَوْضِعُهُ آخِرُ الصَّلَاةِ. وَمِنْهُمْ مَنْ قَالَ فِي الْمَسْأَلَةِ اخْتِلَافٌ بَيْنَ الْعُلَمَاءِ عِنْدَ أَبِي حَنِيفَةَ وَأَبِي يُوسُفَ فِي الْقَعْدَةِ الْأُولَى، وَعِنْدَ مُحَمَّدٍ فِي الْأَخِيرَةِ بِنَاءً عَلَى أَصْلِهِ، وَهُوَ أَنَّ سَلَامَ مَنْ عَلَيْهِ السَّهْوُ يُخْرِجُهُ مِنْ الصَّلَاةِ عِنْدَهُمَا فَكَانَتْ الْقَعْدَةُ الْأُولَى قَعْدَةَ الْخَتْمِ، وَعِنْدَ مُحَمَّدٍ عَلَى خِلَافِهِ وَفِيهِ نَظَرٌ؛ لِأَنَّ الْأَصْلَ الْمَذْكُورَ مُتَقَرِّرٌ، فَلَوْ كَانَتْ هَذِهِ الْمَسْأَلَةُ مَبْنِيَّةً عَلَى ذَلِكَ لَكَانَ الصَّحِيحُ مَذْهَبَهُمَا.
قَالَ (وَيَلْزَمُهُ السَّهْوُ) هَذَا بَيَانُ مَا ذَكَرَ فِي أَوَّلِ الْبَابِ بِقَوْلِهِ يَسْجُدُ
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute