إذَا زَادَ فِي صَلَاتِهِ فِعْلًا مِنْ جِنْسِهَا لَيْسَ مِنْهَا) وَهَذَا يَدُلُّ عَلَى أَنَّ سَجْدَةَ السَّهْوِ وَاجِبَةٌ هُوَ الصَّحِيحُ، لِأَنَّهَا تَجِبُ لِجَبْرِ نَقْصٍ تَمَكَّنَ فِي الْعِبَادَةِ فَتَكُونُ وَاجِبَةً كَالدِّمَاءِ فِي الْحَجِّ، وَإِذَا كَانَ وَاجِبًا لَا يَجِبُ إلَّا بِتَرْكِ وَاجِبٍ أَوْ تَأْخِيرِهِ أَوْ تَأْخِيرِ رُكْنٍ سَاهِيًا هَذَا هُوَ الْأَصْلُ، وَإِنَّمَا وَجَبَ بِالزِّيَادَةِ لِأَنَّهَا لَا تَعْرَى عَنْ تَأْخِيرِ رُكْنٍ أَوْ تَرْكِ وَاجِبٍ.
قَالَ (وَيَلْزَمُهُ إذَا تَرَكَ فِعْلًا مَسْنُونًا) كَأَنَّهُ أَرَادَ بِهِ فِعْلًا وَاجِبًا إلَّا أَنَّهُ أَرَادَ بِتَسْمِيَتِهِ سُنَّةً أَنَّ وُجُوبَهَا ثَبَتَ بِالسُّنَّةِ. قَالَ (أَوْ تَرَكَ قِرَاءَةَ الْفَاتِحَةِ) لِأَنَّهَا وَاجِبَةٌ
لِلسَّهْوِ وَلِلزِّيَادَةِ وَالنُّقْصَانِ فَإِنَّهُ لَمْ يُعْلَمْ مِنْ ذَلِكَ أَنَّهُ أَيُّ زِيَادَةٍ وَنُقْصَانٍ يُوجِبُهُ فَفَسَّرَ هَاهُنَا بِأَنَّ الْمُرَادَ زِيَادَةُ فِعْلٍ مِنْ جِنْسِ الصَّلَاةِ لَيْسَ مِنْهَا كَمَا إذَا أَتَى بِرُكُوعَيْنِ أَوْ بِثَلَاثِ سَجَدَاتٍ (وَهَذَا) أَيْ قَوْلُهُ: يَلْزَمُهُ السَّهْوُ (يَدُلُّ عَلَى أَنَّ سَجْدَةَ السَّهْوِ وَاجِبَةٌ) وَقَوْلُهُ: (هُوَ الصَّحِيحُ) احْتِرَازٌ عَنْ قَوْلِ مَنْ قَالَ مِنْ أَصْحَابِنَا إنَّهُ سُنَّةٌ (وَقَوْلُهُ: لِأَنَّهَا تَجِبُ) ظَاهِرٌ. وَقَوْلُهُ: (وَإِنَّمَا وَجَبَ بِالزِّيَادَةِ) جَوَابٌ عَمَّا يَرِدُ عَلَى قَوْلِهِ وَإِذَا كَانَ وَاجِبًا لَا يَجِبُ إلَّا بِتَرْكِ الْوَاجِبِ أَوْ تَأْخِيرِهِ، فَإِنَّ لِقَائِلٍ أَنْ يَقُولَ: يَجِبُ بِالزِّيَادَةِ أَيْضًا وَلَا تَرْكَ هُنَا وَلَا تَأْخِيرَ، فَقَالَ: الزِّيَادَةُ لَا تَعْرَى عَنْ تَأْخِيرِ رُكْنٍ أَوْ تَرْكِ وَاجِبٍ.
وَقَوْلُهُ: (وَيَلْزَمُهُ إذَا تَرَكَ فِعْلًا مَسْنُونًا) بَيَانٌ لِلنُّقْصَانِ الْمُوجِبِ لِلسَّجْدَةِ وَهُوَ ظَاهِرٌ. وَقِيلَ الْمُرَادُ بِالسُّنَّةِ الْمُضَافَةِ إلَى جَمِيعِ الصَّلَاةِ كَالتَّشَهُّدِ فِي الْقَعْدَةِ الْأُولَى. وَقَوْلُهُ (أَوْ تَرَكَ قِرَاءَةَ فَاتِحَةِ الْكِتَابِ) بَيَانُ أَنَّهَا كَمَا تَجِبُ لِتَرْكِ الْأَفْعَالِ تَجِبُ لِتَرْكِ الْأَذْكَارِ.
اعْلَمْ أَنَّ سَجْدَةَ السَّهْوِ عُرِفَتْ بِفِعْلِ رَسُولِ اللَّهِ ﷺ، وَمَا نُقِلَ ذَلِكَ
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute