وَقَالَ أَبُو يُوسُفَ: يَكُونُ رُجُوعًا، لِأَنَّ الرُّجُوعَ نَفْيٌ فِي الْحَالِ وَالْجُحُودَ نَفْيٌ فِي الْمَاضِي وَالْحَالِ، فَأَوْلَى أَنْ يَكُونَ رُجُوعًا، وَلِمُحَمَّدٍ أَنَّ الْجُحُودَ نَفْيٌ فِي الْمَاضِي وَالِانْتِفَاءُ فِي الْحَالِ ضَرُورَةُ ذَلِكَ، وَإِنْ كَانَ ثَابِتًا فِي الْحَالِ كَانَ الْجُحُودُ لَغْوًا،
فِي الْمَسْأَلَةِ رِوَايَتَانِ، قَالَ شَيْخُ الْإِسْلَامِ: وَهُوَ الْأَصَحُّ. وَمِنْهُمْ مَنْ قَالَ: الْمَذْكُورُ فِي الْجَامِعِ قَوْلُ مُحَمَّدٍ، وَالْمَذْكُورُ فِي الْمَبْسُوطِ قَوْلُ أَبِي يُوسُفَ قَالَ شَمْسُ الْأَئِمَّةِ السَّرَخْسِيُّ: هُوَ الْأَصَحُّ؛ لِأَنَّ الْمُعَلَّى قَالَ فِي نَوَادِرِهِ: قَالَ: سَأَلْتُ أَبَا يُوسُفَ عَنْ رَجُلٍ أَوْصَى لِرَجُلٍ بِوَصِيَّةٍ ثُمَّ جَحَدَ، قَالَ: يَكُونُ رُجُوعًا، وَسَأَلْتُ مُحَمَّدًا قَالَ: لَا يَكُونُ الْجُحُودُ رُجُوعًا، وَهُوَ مُخْتَارُ الْمُصَنِّفِ وَاسْتَدَلَّ لِأَبِي يُوسُفَ بِأَنَّ الرُّجُوعَ نَفْيٌ فِي الْحَالِ وَالْجُحُودَ نَفْيٌ فِي الْمَاضِي وَالْحَالِ، وَإِذَا كَانَ نَفْيُ الْحَالِ وَحْدَهُ رُجُوعًا فَنَفْيُ الْمَاضِي وَالْحَالِ أَوْلَى أَنْ يَكُونَ رُجُوعًا (وَلِمُحَمَّدٍ أَنَّ الْجُحُودَ) وَهُوَ أَنْ يَقُولَ لَمْ أُوصِ لِفُلَانٍ أَوْ مَا أَوْصَيْت لَهُ (نَفْيٌ فِي الْمَاضِي) لِكَوْنِهِ مَوْضُوعًا لِذَلِكَ، وَالِانْتِفَاءُ فِي الْحَالِ ضَرُورَةُ ذَلِكَ لِاسْتِمْرَارِ ذَلِكَ إنْ ثَبَتَ مَا لَمْ يُغَيَّرْ، وَإِذَا كَانَ الْكَذِبُ ثَابِتًا فِي الْحَالِ لِكَوْنِهِ كَاذِبًا فِي جُحُودِهِ إذْ الْفَرْضُ أَنَّهُ أَوْصَى ثُمَّ جَحَدَ كَانَ النَّفْيُ فِي الْمَاضِي بَاطِلًا فَيَبْطُلُ مَا هُوَ مِنْ ضَرُورَتِهِ وَهُوَ الِانْتِفَاءُ فِي الْحَالِ فَكَانَ الْجُحُودُ لَغْوًا. وَفِي بَعْضِ الشُّرُوحِ جُعِلَ اسْمُ كَانَ فِي قَوْلِهِ وَإِذَا كَانَ ثَابِتًا فِي الْحَالِ الْوَصِيَّةَ وَفِي بَعْضِهَا الْحَقَّ وَكِلَاهُمَا
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute