للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

أَوْ لِأَنَّ الرُّجُوعَ إثْبَاتٌ فِي الْمَاضِي وَنَفْيٌ فِي الْحَالِ وَالْجُحُودَ نَفْيٌ فِي الْمَاضِي وَالْحَالِ فَلَا يَكُونُ رُجُوعًا حَقِيقَةً وَلِهَذَا لَا يَكُونُ جُحُودُ النِّكَاحِ فُرْقَةً

مُصَادَرَةٌ عَنْ الْمَطْلُوبِ فَتَأَمَّلْ.

وَقَوْلُهُ (أَوْ؛ لِأَنَّ الرُّجُوعَ إثْبَاتٌ فِي الْمَاضِي وَنَفْيٌ فِي الْحَالِ، وَالْجُحُودُ نَفْيٌ فِي الْمَاضِي وَالْحَالِ) دَلِيلٌ آخَرُ تَحْقِيقُهُ أَنَّ أَحَدَهُمَا مُرَكَّبٌ مِنْ النَّفْيِ وَالْإِثْبَاتِ وَالْآخَرُ مُجَرَّدُ النَّفْيِ، فَلَا يَكُونُ الْجُحُودُ رُجُوعًا حَقِيقَةً وَلَا الْعَكْسُ أَيْضًا. وَفِيهِ نَظَرٌ مِنْ وَجْهَيْنِ: أَحَدِهِمَا: أَنَّهُ قَالَ فِي الدَّلِيلِ الْأَوَّلِ: إنَّ الْجُحُودَ نَفْيٌ فِي الْمَاضِي وَالِانْتِفَاءُ فِي الْحَالِ ضَرُورَةُ ذَلِكَ، وَهَاهُنَا قَالَ: وَالْجُحُودُ نَفْيٌ فِي الْمَاضِي وَالْحَالُ بَيْنَهُمَا تَنَافٍ. وَالثَّانِي: أَنَّهُ لَا يَلْزَمُ مِنْ عَدَمِ كَوْنِ الْجُحُودِ رُجُوعًا حَقِيقَةً عَدَمُ جَوَازِ اسْتِعْمَالِهِ فِيهِ مَجَازًا صَوْنًا لِكَلَامِ الْعَاقِلِ عَنْ الْإِلْغَاءِ.

وَالْجَوَابُ عَنْ الْأَوَّلِ أَنَّ قَوْلَهُ نَفْيٌ فِي الْمَاضِي وَالْحَالُ مَعْنَاهُ نَفْيٌ فِي الْمَاضِي وَضْعًا وَحَقِيقَةً، وَفِي الْحَالِ ضَرُورَةً لَا وَضْعًا وَهُوَ الْأَوَّلُ فَلَا تَنَافِيَ. وَعَنْ الثَّانِي بِأَنَّ الرُّجُوعَ وَالْجُحُودَ بِالنَّظَرِ إلَى الْمَاضِي مُتَضَادَّانِ، وَالتَّضَادُّ لَيْسَ مِنْ مُجَوِّزَاتِ الْمَجَازِ فِي الْأَلْفَاظِ الشَّرْعِيَّةِ عَلَى مَا قَرَّرْنَاهُ فِي الْأَنْوَارِ وَالتَّقْرِيرِ، وَلِهَذَا لَا يَكُونُ جُحُودُ النِّكَاحِ فُرْقَةً: يَعْنِي مُسْتَعَارًا لِلطَّلَاقِ؛ لِأَنَّ الْجُحُودَ يَقْتَضِي عَدَمَ النِّكَاحِ فِي الْمَاضِي وَالطَّلَاقُ يَقْتَضِي وُجُودَهُ فَكَانَا مُتَقَابِلَيْنِ فَلَا يَجُوزُ اسْتِعَارَةُ أَحَدِهِمَا لِلْآخَرِ.

<<  <  ج: ص:  >  >>