الْمَوْتِ فَضْلٌ وَالْمُعْتَبَرُ قِيَامُهُ عِنْدَ الْمَوْتِ؛ وَلَوْ قَالَ لَهُ شَاةٌ مِنْ مَالِي وَلَيْسَ لَهُ غَنَمٌ يُعْطِي قِيمَةَ شَاةٍ لِأَنَّهُ لَمَّا أَضَافَهُ إلَى الْمَالِ عَلِمْنَا أَنَّ مُرَادَهُ الْوَصِيَّةُ بِمَالِيَّةِ الشَّاةِ إذْ مَالِيَّتُهَا تُوجَدُ فِي مُطْلَقِ الْمَالِ، وَلَوْ أَوْصَى بِشَاةٍ وَلَمْ يُضِفْهُ إلَى مَالِهِ وَلَا غَنَمَ لَهُ قِيلَ لَا يَصِحّ لِأَنَّ الْمُصَحَّحَ إضَافَتُهُ إلَى الْمَالِ وَبِدُونِهَا تُعْتَبَرُ صُورَةُ الشَّاةِ وَمَعْنَاهَا، وَقِيلَ تَصِحُّ لِأَنَّهُ لَمَّا ذَكَرَ الشَّاةَ وَلَيْسَ فِي مِلْكَهُ شَاةٌ عُلِمَ أَنَّ مُرَادَهُ الْمَالِيَّةُ؛ وَلَوْ قَالَ شَاةٌ مِنْ غَنَمِي وَلَا غَنَمَ لَهُ فَالْوَصِيَّة بَاطِلَةٌ، لِأَنَّهُ لَمَّا أَضَافَهُ إلَى الْغَنَمِ عَلِمْنَا أَنَّ مُرَادَهُ عَيْنُ الشَّاةِ حَيْثُ جَعَلَهَا جُزْءًا مِنْ الْغَنَمِ، بِخِلَافِ مَا إذَا أَضَافَهُ إلَى الْمَالِ وَعَلَى هَذَا يُخَرَّجُ كَثِيرٌ مِنْ الْمَسَائِلِ.
قَالَ (وَمَنْ أَوْصَى بِثُلُثِ مَالِهِ لِأُمَّهَاتِ أَوْلَادِهِ وَهُنَّ ثَلَاثٌ وَلِلْفُقَرَاءِ وَالْمَسَاكِينِ فَلَهُنَّ ثَلَاثَةُ أَسْهُمٍ مِنْ خَمْسَةِ أَسْهُمٍ) قَالَ ﵁: وَهَذَا عِنْدَ أَبِي حَنِيفَةَ وَأَبِي يُوسُفَ رَحِمَهُمَا اللَّهُ.
إضَافَتِهِ إلَى ثُلُثِ الْمَالِ. وَقَوْلُهُ (وَعَلَى هَذَا يَخْرُجُ كَثِيرٌ مِنْ الْمَسَائِلِ) فَمِنْهَا مَا ذَكَرَهُ فِي الْمَبْسُوطِ بِقَوْلِهِ لَوْ قَالَ بِقَفِيزٍ مِنْ حِنْطَةٍ مِنْ مَالِي وَبِثَوْبٍ مِنْ مَالِي فَإِنَّهُ يَصِحُّ الْإِيجَابُ وَإِنْ لَمْ يَكُنْ ذَلِكَ فِي مِلْكِهِ، بِخِلَافِ مَا إذَا قَالَ مَنْ حِنْطَتِي أَوْ مِنْ ثِيَابِي فَإِنَّهُ إذَا لَمْ يُوجَدْ ذَلِكَ فِي مِلْكِهِ أَوْ هَلَكَ قَبْلَ مَوْتِهِ فَلَا شَيْءَ لِلْمُوصَى لَهُ، وَالْفَرْقُ مَا ذَكَرْنَاهُ.
قَالَ (وَمَنْ أَوْصَى بِثُلُثِ مَالِهِ لِأُمَّهَاتِ أَوْلَادِهِ) مَا ذَكَرَهُ وَاضِحٌ صُورَةً وَتَعْلِيلًا، خَلَا قَوْلِهِ وَأَصْلُهُ أَنَّ الْوَصِيَّةَ لِأُمَّهَاتِ الْأَوْلَادِ جَائِزَةٌ فَإِنَّهُ يَحْتَاجُ إلَى بَعْضِ بَيَانٍ، وَهُوَ أَنَّ الْوَصِيَّةَ لَهُنَّ جَائِزَةٌ اسْتِحْسَانًا. وَالْقِيَاسُ أَنْ لَا تَصِحَّ؛ لِأَنَّ الْوَصِيَّةَ تَمْلِيكٌ مُضَافٌ إلَى مَا بَعْدَ الْمَوْتِ، فَإِنَّمَا تَسْتَحِقُّ الْوَصِيَّةَ بَعْدَ مَوْتِ
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute