وَعَنْ مُحَمَّدٍ ﵀ أَنَّهُ يُقْسَمُ عَلَى سَبْعَةِ أَسْهُمٍ لَهُنَّ ثَلَاثَةٌ وَلِكُلِّ فَرِيقٍ سَهْمَانِ، وَأَصْلُهُ أَنَّ الْوَصِيَّةَ لِأُمَّهَاتِ الْأَوْلَادِ جَائِزَةٌ وَالْفُقَرَاءُ وَالْمَسَاكِينُ جِنْسَانِ، وَفَسَّرْنَاهُمَا فِي الزَّكَاةِ لِمُحَمَّدٍ ﵀ أَنَّ الْمَذْكُورَ لَفْظُ الْجَمْعِ وَأَدْنَاهُ فِي الْمِيرَاثِ اثْنَانِ نَجِد ذَلِكَ فِي الْقُرْآنِ فَكَانَ مِنْ كُلِّ فَرِيقِ اثْنَانِ وَأُمَّهَاتُ الْأَوْلَادِ ثَلَاثٌ فَلِهَذَا يُقْسَمُ عَلَى سَبْعَةٍ.
وَلَهُمَا أَنَّ الْجَمْعَ
مَوْلَاهَا وَذَلِكَ حَالَ حُلُولِ الْعِتْقِ بِهَا فَالْعِتْقُ يُحِلُّهَا وَهِيَ أَمَةٌ فَتَسْتَحِقُّ الْوَصِيَّةَ وَهِيَ أَمَةٌ، وَالْوَصِيَّةُ لِأَمَتِهِ بِشَيْءٍ غَيْرِ رَقَبَتِهَا بَاطِلَةٌ. وَجْهُ الِاسْتِحْسَانِ أَنَّ الْوَصِيَّةَ مُضَافَةٌ إلَى مَا بَعْدَ عِتْقِهَا لَا حَالَ حُلُولِ الْعِتْقِ بِهَا بِدَلَالَةِ حَالِ الْمُوصِي؛ لِأَنَّ الظَّاهِرَ مِنْ حَالِهِ أَنْ يَقْصِدَ وَصِيَّةً صَحِيحَةً لَا بَاطِلَةً، وَالصَّحِيحَةُ هِيَ الْمُضَافَةُ إلَى مَا بَعْدَ عِتْقِهَا. فَإِنْ قِيلَ: الْوَصِيَّةُ بِثُلُثِ الْمَالِ لِعَبْدِهِ جَائِزَةٌ وَلَمْ يَعْتِقْ بَعْدَ مَوْتِهِ وَأُمُّ الْوَلَدِ لَيْسَتْ أَقَلَّ حَالًا مِنْهُ فَكَيْفَ لَمْ تَصِحَّ الْوَصِيَّةُ لَهَا قِيَاسًا. أُجِيبَ بِأَنَّ الْوَصِيَّةَ بِثُلُثِ الْمَالِ لِلْعَبْدِ إنَّمَا جَازَتْ لِتَنَاوُلِهِ ثُلُثَ رَقَبَتِهِ فَكَانَ وَصِيَّةً بِرَقَبَتِهِ، وَالْوَصِيَّةُ بِرَقَبَتِهِ إعْتَاقٌ وَهُوَ يَصِحُّ مُنَجَّزًا وَمُضَافًا، بِخِلَافِ أُمِّ الْوَلَدِ فَإِنَّ الْوَصِيَّةَ لَهَا بِذَلِكَ لَيْسَتْ إعْتَاقًا؛ لِأَنَّهَا تُعْتَقُ بِمَوْتِ الْمَوْلَى وَإِنْ لَمْ يَكُنْ ثَمَّةَ وَصِيَّةٌ أَصْلًا. وَلِقَائِلٍ أَنْ يَقُولَ: الْوَصِيَّةُ بِثُلُثِ الْمَالِ إمَّا أَنْ صَادَفَهَا بَعْدَ مَوْتِ الْمَوْلَى وَهِيَ حُرَّةٌ أَوْ أَمَةٌ، فَإِنْ كَانَ الْأَوَّلَ فَلَا وَجْهَ لِنَفْيِ الْقِيَاسِ، وَإِنْ كَانَ الثَّانِيَ فَكَذَلِكَ؛ لِأَنَّهَا كَالْعَبْدِ الْمُوصَى لَهُ بِثُلُثِ الْمَالِ.
وَالْجَوَابُ أَنَّهَا لَيْسَتْ كَالْعَبْدِ؛ لِأَنَّ عِتْقَهَا لَا بُدَّ وَأَنْ يَكُونَ بِمَوْتِ الْمَوْلَى، فَلَوْ كَانَ بِالْوَصِيَّةِ أَيْضًا تَوَارَدَ عِلَّتَانِ مُسْتَقِلَّتَانِ عَلَى مَعْلُولٍ وَاحِدٍ بِالشَّخْصِ وَهُوَ ثُلُثُ رَقَبَتِهَا وَذَلِكَ بَاطِلٌ. وَقَوْلُهُ (وَأَدْنَاهُ فِي الْمِيرَاثِ) قَيَّدَ بِذَلِكَ احْتِرَازًا عَنْ فَصْلِ الزَّكَاةِ؛ فَإِنَّ لَفْظَ الْجَمْعِ هُنَاكَ مُنْصَرِفٌ إلَى الْوَاحِدِ بِالْإِجْمَاعِ بَيْنَ أَصْحَابِنَا، ثُمَّ لَمَّا كَانَ لَفْظُ الْجَمْعِ فِي الْمِيرَاثِ مَصْرُوفًا إلَى الِاثْنَيْنِ وَالْوَصِيَّةُ فِي مَعْنَاهُ مِنْ حَيْثُ إنَّ كُلًّا مِنْهُمَا تَمْلِيكُ الْمَالِ بَعْدَ الْمَوْتِ كَانَ الْجَمْعُ هُنَاكَ أَيْضًا مُنْصَرِفًا إلَى الِاثْنَيْنِ. وَقَوْلُهُ (نَجِدُ ذَلِكَ فِي الْقُرْآنِ) يُرِيدُ بِهِ
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute