ذُكُورُهُمْ وَإِنَاثُهُمْ، لِأَنَّهُ أَمْكَنَ تَحْقِيقُ التَّمْلِيكِ فِي حَقِّهِمْ وَالْوَصِيَّةُ تَمْلِيكٌ. وَإِنْ كَانُوا لَا يُحْصَوْنَ فَالْوَصِيَّةُ فِي الْفُقَرَاءِ مِنْهُمْ، لِأَنَّ الْمَقْصُودَ مِنْ الْوَصِيَّةِ الْقُرْبَةُ وَهِيَ فِي سَدِّ الْخَلَّةِ وَرَدِّ الْجَوْعَةِ.
وَهَذِهِ الْأَسَامِي تُشْعِرُ بِتَحَقُّقِ الْحَاجَةِ فَجَازَ حَمْلُهُ عَلَى الْفُقَرَاءِ، بِخِلَافِ مَا إذَا أَوْصَى لِشُبَّانِ بَنِي فُلَانٍ وَهُمْ لَا يُحْصَوْنَ أَوْ لِأَيَامَى بَنِي فُلَانٍ وَهُمْ لَا يُحْصَوْنَ حَيْثُ تَبْطُلُ الْوَصِيَّةُ، لِأَنَّهُ لَيْسَ فِي اللَّفْظِ مَا يُنْبِئُ عَنْ الْحَاجَةِ فَلَا يُمْكِنُ صَرْفُهُ إلَى الْفُقَرَاءِ، وَلَا يُمْكِنُ تَصْحِيحُهُ تَمْلِيكًا فِي حَقِّ الْكُلِّ لِلْجَهَالَةِ الْمُتَفَاحِشَةِ وَتَعَذَّرَ الصَّرْفُ إلَيْهِمْ، وَفِي الْوَصِيَّةِ لِلْفُقَرَاءِ وَالْمَسَاكِينِ يَجِبُ الصَّرْفُ إلَى اثْنَيْنِ مِنْهُمْ اعْتِبَارًا لِمَعْنَى الْجَمْعِ، وَأَقَلُّهُ اثْنَانِ فِي الْوَصَايَا عَلَى مَا مَرَّ.
لِمَنْ مَاتَ أَبُوهُ قَبْلَ الْحُلُمِ. قَالَ ﷺ «لَا يُتْمَ بَعْدَ احْتِلَامٍ» وَالْعُمْيَانُ وَالزَّمْنَى مَعْرُوفَةٌ، وَالْأَرْمَلُ هُوَ الَّذِي لَا يَقْدِرُ عَلَى شَيْءٍ رَجُلًا كَانَ أَوْ امْرَأَةً، مِنْ أَرْمَلَ إذَا افْتَقَرَ مِنْ الرَّمَلِ كَأَدْقَعَ مِنْ الدَّقْعَاءِ وَهِيَ التُّرَابُ، وَمِنْ النَّاسِ مَنْ قَالَ: الْأَرْمَلُ فِي النِّسَاءِ خَاصَّةً، وَالْمُخْتَارُ عِنْدَ الْمُصَنِّفِ هُوَ الْأَوَّلُ حَيْثُ قَالَ: ذُكُورُهُمْ وَإِنَاثُهُمْ وَهُوَ اخْتِيَارُ الشَّعْبِيِّ. فَإِذَا أَوْصَى لِهَؤُلَاءِ، فَإِمَّا أَنْ يَكُونُوا قَوْمًا يُحْصَوْنَ أَوْ لَا، فَإِنْ كَانَ الْأَوَّلَ وُجِدَ الْإِحْصَاءُ عِنْدَ أَبِي يُوسُفَ أَنْ لَا يَحْتَاجَ فِي الْإِحْصَاءِ إلَى كِتَابٍ وَلَا حِسَابٍ، فَإِنْ اُحْتِيجَ إلَى ذَلِكَ فَهُمْ لَا يُحْصَوْنَ.
وَقَالَ مُحَمَّدٌ: إذَا كَانُوا أَكْثَرَ مِنْ مِائَةٍ فَإِنَّهُمْ لَا يُحْصَوْنَ وَهُوَ الْأَيْسَرُ. وَقَالَ بَعْضُهُمْ: هُوَ مُفَوَّضٌ إلَى رَأْيِ الْقَاضِي دَخَلَ فِي الْوَصِيَّةِ فُقَرَاؤُهُمْ وَأَغْنِيَاؤُهُمْ ذُكُورُهُمْ وَإِنَاثُهُمْ؛ لِأَنَّ الْوَصِيَّةَ تَمْلِيكٌ وَتَحْقِيقُ التَّمْلِيكِ فِيهِمْ مُمْكِنٌ. وَإِنْ كَانَ الثَّانِيَ فَالْوَصِيَّةُ لِلْفُقَرَاءِ مِنْهُمْ لِمَا ذَكَرَهُ فِي الْكِتَابِ، وَهُوَ وَاضِحٌ. وَقَوْلُهُ (بِخِلَافِ مَا إذَا أَوْصَى لِشُبَّانِ بَنِي فُلَانٍ وَهْم لَا يُحْصَوْنَ، أَوْ لِأَيَامَى بَنِي فُلَانٍ وَهْم لَا يُحْصَوْنَ حَيْثُ تَبْطُلُ الْوَصِيَّةُ) فِيهِ إشَارَةٌ إلَى أَنَّهُمْ إذَا كَانُوا يُحْصَوْنَ كَانَ الْحُكْمُ كَمَا تَقَدَّمَ فِي دُخُولِ الْغَنِيِّ، وَالْفَقِيرِ وَهَلْ يَدْخُلُ الذَّكَرُ وَالْأُنْثَى فِي الْأَيَامَى دُخُولَهُ فِي الْأَرَامِلِ أَوْ لَا؟ قَالَ الْكَرْخِيُّ. يَدْخُلُ؛ لِأَنَّ الْأَيِّمَ هِيَ الَّتِي لَا زَوْجَ لَهَا بِكْرًا كَانَتْ أَوْ ثَيِّبًا أَوْ يُقَالُ رَجُلٌ أَيِّمٌ أَيْضًا.
وَقَالَ مُحَمَّدٌ: الْأَيِّمُ هِيَ الثَّيِّبُ خَاصَّةً، وَقَوْلُ الْمُصَنِّفِ مُحْتَمَلٌ، وَالظَّاهِرُ دُخُولُهُ؛ لِأَنَّهُ تَرَكَهُ اعْتِمَادًا عَلَى ذِكْرِهِ فِي الْأَرَامِلِ، وَإِنَّمَا بَطَلَتْ الْوَصِيَّةُ فِي الشُّبَّانِ وَالْأَيَامَى؛ لِأَنَّهُ لَيْسَ فِي اللَّفْظِ مَا يَدُلُّ عَلَى الْفَقِيرِ حَتَّى يُصْرَفَ إلَى الْفُقَرَاءِ، وَلَا يُمْكِنُ تَصْحِيحُهُ تَمْلِيكًا فِي حَقِّ الْكُلِّ لِلْجَهَالَةِ الْفَاحِشَةِ وَتَعَذُّرِ الصَّرْفِ إلَيْهِمْ لِكَثْرَتِهِمْ فَبَطَلَتْ. قَالَ مُحَمَّدٌ: الْغُلَامُ مَا كَانَ لَهُ أَقَلُّ مِنْ خَمْسَ عَشْرَةَ، وَالْفَتَى مَنْ بَلَغَ خَمْسَ عَشْرَةَ وَفَوْقَ ذَلِكَ.
وَالْكَهْلُ إذَا بَلَغَ أَرْبَعِينَ فَزَادَ عَلَيْهِ، وَمَا بَيْنَ
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute