للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وَعَنْ أَبِي يُوسُفَ أَنَّهُمْ يَدْخُلُونَ لِأَنَّ سَبَبَ الِاسْتِحْقَاقِ لَازِمٌ، وَيَدْخُلُ فِيهِ عَبْدٌ قَالَ لَهُ مَوْلَاهُ إنْ لَمْ أَضْرِبْك فَأَنْتَ حُرٌّ لِأَنَّ الْعِتْقَ يَثْبُتُ قُبَيْلَ الْمَوْتِ عِنْدَ تَحَقُّقِ عَجْزِهِ، وَلَوْ كَانَ لَهُ مَوَالٍ وَأَوْلَادُهُ مَوَالٍ وَمَوَالِي مُوَالَاةٍ يَدْخُلُ فِيهَا مُعْتَقُوهُ وَأَوْلَادُهُمْ دُونَ مَوَالِي الْمُوَالَاةِ وَعَنْ أَبِي يُوسُفَ أَنَّهُمْ يَدْخُلُونَ أَيْضًا وَالْكُلُّ شُرَكَاءُ لِأَنَّ الِاسْمَ يَتَنَاوَلُهُمْ عَلَى السَّوَاءِ. وَمُحَمَّدٌ يَقُولُ: الْجِهَةُ مُخْتَلِفَةٌ، فِي الْمُعْتَقِ الْإِنْعَامُ، وَفِي الْمَوَالِي عَقْدُ الِالْتِزَامِ وَالْإِعْتَاقُ لَازِمٌ فَكَانَ الِاسْمُ لَهُ أَحَقَّ، وَلَا يَدْخُلُ فِيهِمْ مَوَالِي الْمَوَالِي لِأَنَّهُمْ مَوَالِي غَيْرِهِ حَقِيقَةً، بِخِلَافِ مَوَالِيهِ وَأَوْلَادِهِمْ لِأَنَّهُمْ يُنْسَبُونَ إلَيْهِ بِإِعْتَاقٍ وُجِدَ

جَارٍ بِوَصِيَّةِ ثُلُثِ الْمَالِ لِلْفُقَرَاءِ، وَالْغَالِبُ فِي الْمَوْلَى الْأَسْفَلِ الْفَقْرُ، وَفِي الْأَعْلَى الْغِنَى، وَالْمَعْرُوفُ عُرْفًا كَالْمَشْرُوطِ شَرْطًا كَمَا هُوَ الْمَرْوِيُّ عَنْ أَبِي يُوسُفَ بِهَذَا الْمَعْنَى. وَلَوْ أَوْصَى لِمَوَالِيهِ وَلَيْسَ لَهُ إلَّا الْمَوْلَى الْأَعْلَى فَالْوَصِيَّةُ جَائِزَةٌ. وَيَدْخُلُ فِيهَا الْمُعْتَقُ فِي حَالِ الصِّحَّةِ وَالْمَرَضِ، وَلَا يَدْخُلُ مُدَبَّرُوهُ وَأُمَّهَاتُ أَوْلَادِهِ؛ لِأَنَّ عِتْقَهُ لَا يَثْبُتُ بَعْدَ الْمَوْتِ؛ لِأَنَّ الْمُتَوَقِّفَ عَلَى الشَّيْءِ لَا بِالْعِلِّيَّةِ يَعْقُبُهُ وُجُودًا، وَالْوَصِيَّةُ تُضَافُ إلَى حَالَةِ الْمَوْتِ؛ لِأَنَّهَا أُخْتُ الْمِيرَاثِ وَالْمِيرَاثُ كَذَلِكَ، فَلَا بُدَّ مِنْ تَحْقِيقِ اسْمِ الْمَوْلَى قَبْلَ الْمَوْتِ وَلَمْ يُوجَدْ فِيهِمَا (وَعَنْ أَبِي يُوسُفَ أَنَّهُمْ يَدْخُلُونَ)؛ لِأَنَّ سَبَبَ اسْتِحْقَاقِ الْوَلَاءِ وَهُوَ التَّدْبِيرُ وَالِاسْتِيلَادُ (لَازِمٌ) أَيْ: ثَابِتٌ مُسْتَقِرٌّ، وَالْأَصَحُّ الْأَوَّلُ؛ لِأَنَّهُمْ لَا يُنْسَبُونَ إلَيْهِ بِالْوَلَاءِ بِنَفْسِ الِاسْتِحْقَاقِ بَلْ بِالْإِحْيَاءِ الْحَاصِلِ بِالْعِتْقِ، وَذَلِكَ إنَّمَا يَكُونُ بَعْدَ الْمَوْتِ (وَيَدْخُلُ فِيهِ) أَيْ: فِي هَذَا الْإِيصَاءِ: يَعْنِي بِالْإِجْمَاعِ عَبْدٌ قَالَ لَهُ مَوْلَاهُ وَهُوَ وَاضِحٌ.

وَلَوْ أَوْصَى لِمَوَالِيهِ وَلَهُ مَوَالٍ وَأَوْلَادُ الْمَوَالِي وَمَوَالِي الْمُوَالَاةِ دَخَلَ مُعْتَقُوهُ وَهُوَ ظَاهِرٌ، وَأَوْلَادُهُمْ؛ لِأَنَّ نِسْبَتَهُمْ إلَيْهِ بِالْوَلَاءِ لِلْمُعْتِقِ الَّذِي بَاشَرَ فِي آبَائِهِمْ، وَالْفُرُوعُ أَجْزَاءُ الْأُصُولِ فَكَانَ الْإِطْلَاقُ حَقِيقَةً فِيهِمْ كَمَا فِي أُصُولِهِمْ؛ وَلِهَذَا لَا يَصِحُّ نَفْيُ اسْمِ الْمَوْلَى عَنْهُمْ، بِخِلَافِ مَا تَقَدَّمَ مِنْ بَنِي فُلَانٍ وَأَوْلَادِهِمْ؛ لِأَنَّ النَّفْيَ عَنْ الْفُرُوعِ صَحِيحٌ حَيْثُ يَجُوزُ أَنْ يُقَالَ لَيْسُوا بَنِي فُلَانٍ وَإِنَّمَا هُمْ بَنُو بَنِيهِ. وَعَنْ أَبِي يُوسُفَ أَنَّهُمْ: يَعْنِي مَوَالِي الْمُوَالَاةِ يَدْخُلُونَ أَيْضًا لِمَا ذَكَرَهُ فِي الْكِتَابِ وَهُوَ وَاضِحٌ.

وَقَوْلُهُ (وَالْإِعْتَاقُ لَازِمٌ) جَوَابٌ عَمَّا يُقَالُ: لَمَّا كَانَتْ الْجِهَةُ مُخْتَلِفَةً وَجَبَ بُطْلَانُ الْوَصِيَّةِ كَالْمَوْلَى الْأَعْلَى وَالْأَسْفَلِ. وَوَجْهُهُ أَنَّ الْمُشْتَرَكَ لَا يَعْمَلُ بِهِ إلَّا إذَا لَمْ تَكُنْ قَرِينَةٌ عَلَى أَحَدِ الْمَعْنَيَيْنِ وَهَاهُنَا قَرِينَةٌ تُعَيِّنُ أَحَدَهُمَا، وَهُوَ أَنَّ وَلَاءَ الْإِعْتَاقِ بِمَنْزِلَةِ النَّسَبِ لَا يَحْتَمِلُ الْفَسْخَ بَعْدَ ثُبُوتِهِ، وَوَلَاءُ الْمُوَالَاةِ ضَعِيفٌ مُخْتَلَفٌ فِيهِ بَيْنَ الْعُلَمَاءِ، وَسَبَبُهُ عَقْدٌ يَحْتَمِلُ الْفَسْخَ فَلَا تَتَحَقَّقُ الْمُزَاحَمَةُ بَيْنَهُمَا، وَلَوْ لَمْ يَكُنْ لَهُ إلَّا مَوَالِي مُوَالَاةٍ كَانَ الثُّلُثُ لَهُمْ؛ لِأَنَّ الْحَقِيقَةَ إذَا لَمْ تُمْكِنْ وَجَبَ الْعَمَلُ بِالْمَجَازِ

<<  <  ج: ص:  >  >>