فِي عَيْنٍ تَبْقَى وَالْمَنْفَعَةُ عَرْضٌ لَا يَبْقَى، وَكَذَا الْوَصِيَّةُ بِغَلَّةِ الْعَبْدِ وَالدَّارِ لِأَنَّهُ بَدَلُ الْمَنْفَعَةِ فَأَخَذَ حُكْمَهَا وَالْمَعْنَى يَشْمَلُهُمَا.
قَالَ (فَإِنْ خَرَجَتْ رَقَبَةُ الْعَبْدِ مِنْ الثُّلُثِ يُسَلَّمُ إلَيْهِ لِيَخْدُمَهُ) لِأَنَّ حَقَّ الْمُوصَى لَهُ فِي الثُّلُثِ لَا يُزَاحِمُهُ الْوَرَثَةُ (وَإِنْ كَانَ لَا مَالَ لَهُ غَيْرُهُ خَدَمَ الْوَرَثَةَ يَوْمَيْنِ وَالْمُوصَى لَهُ يَوْمًا) لِأَنَّ حَقَّهُ فِي الثُّلُثِ وَحَقَّهُمْ فِي الثُّلُثَيْنِ كَمَا فِي الْوَصِيَّةِ فِي الْعَيْنِ وَلَا تُمْكِنُ قِسْمَةُ الْعَبْدِ أَجْزَاءً لِأَنَّهُ لَا يَتَجَزَّأُ فَصِرْنَا إلَى الْمُهَايَأَةِ إيفَاءً لِلْحَقَّيْنِ، بِخِلَافِ الْوَصِيَّةِ بِسُكْنَى الدَّارِ إذَا كَانَتْ لَا تَخْرُجُ مِنْ الثُّلُثِ حَيْثُ تُقَسَّمُ عَيْنُ الدَّارِ ثَلَاثًا لِلِانْتِفَاعِ لِأَنَّهُ يُمْكِنُ الْقِسْمَةُ بِالْأَجْزَاءِ وَهُوَ أَعْدَلُ لِلتَّسْوِيَةِ بَيْنَهُمَا زَمَانًا وَذَاتًا، وَفِي الْمُهَايَأَةِ تَقْدِيمُ أَحَدِهِمَا زَمَانًا. وَلَوْ اقْتَسَمُوا الدَّارَ مُهَايَأَةً مِنْ حَيْثُ الزَّمَانُ تَجُوزُ أَيْضًا لِأَنَّ الْحَقَّ لَهُمْ، إلَّا أَنَّ الْأَوَّلَ وَهُوَ الْأَعْدَلُ أَوْلَى، وَلَيْسَ لِلْوَرَثَةِ أَنْ يَبِيعُوا مَا فِي أَيْدِيهِمْ مِنْ ثُلُثَيْ الدَّارِ. وَعَنْ أَبِي يُوسُفَ ﵀ أَنَّ لَهُمْ ذَلِكَ لِأَنَّهُ خَالِصُ مِلْكِهِمْ. وَجْهُ الظَّاهِرِ أَنَّ حَقَّ الْمُوصَى لَهُ ثَابِتٌ فِي سُكْنَى جَمِيعِ الدَّارِ بِأَنْ ظَهَرَ لِلْمَيِّتِ مَالٌ آخَرُ وَتَخْرُجُ الدَّارُ مِنْ الثُّلُثِ، وَكَذَا لَهُ حَقُّ الْمُزَاحَمَةِ فِيمَا فِي أَيْدِيهِمْ إذَا خَرِبَ مَا فِي يَدِهِ.
فِي عَيْنٍ تَبْقَى وَالْمَنْفَعَةُ عَرَضٌ لَا يَبْقَى) وَإِذَا جَازَتْ الْوَصِيَّةُ بِمَنْفَعَةِ الْعَبْدِ جَازَتْ بِغَلَّتِهِ؛ لِأَنَّهَا بَدَلُهَا فَأَخَذَتْ حُكْمَهَا (وَالْمَعْنَى) وَهُوَ الْحَاجَةُ (يَشْمَلُهَا) يَعْنِي الْمَنْفَعَةَ وَالْغَلَّةَ. وَقَوْلُهُ (فَإِنْ خَرَجَتْ رَقَبَةُ الْعَبْدِ) فِيهِ تَفْصِيلٌ وَهُوَ أَنَّهُ إذَا أَوْصَى بِخِدْمَةِ عَبْدِهِ لِشَخْصٍ فَإِمَّا أَنْ قَالَ أَبَدًا أَوْ جَعَلَ ذَلِكَ زَمَانًا، فَإِنْ كَانَ الْأَوَّلَ، وَخَرَجَتْ رَقَبَةُ الْعَبْدِ مِنْ الثُّلُثِ أَوْ لَمْ تَخْرُجْ وَلَكِنْ أَجَازَتْ الْوَرَثَةُ التَّسْلِيمَ إلَيْهِ يُسَلَّمُ إلَيْهِ لِيَخْدُمَهُ وَإِنْ لَمْ تُجِزْهُ الْوَرَثَةُ خَدَمَ الْوَرَثَةَ يَوْمَيْنِ وَالْمُوصَى لَهُ يَوْمًا إلَى أَنْ يَمُوتَ، وَإِنْ كَانَ الثَّانِيَ فَإِمَّا أَنَّ عَيَّنَ سَنَةً مِثْلَ أَنْ يَقُولَ سَنَةَ سِتٍّ وَسَبْعِينَ وَسَبْعِمِائَةٍ أَوْ لَمْ يُعَيِّنْ، فَإِنْ عَيَّنَ وَمَضَتْ تِلْكَ الْمُدَّةُ قَبْلَ مَوْتِ الْمُوصِي بَطَلَتْ الْوَصِيَّةُ، وَإِنْ مَاتَ الْمُوصِي بَعْدَ مُضِيِّ الْبَعْضِ مِنْ تِلْكَ السَّنَةِ أَوْ مَاتَ قَبْلَ مُضِيِّهَا، فَإِنْ كَانَ الْعَبْدُ يَخْرُجُ مِنْ الثُّلُثِ أَوْ أَجَازَتْ الْوَرَثَةُ فَإِنَّهُ يُسَلِّمُ الْعَبْدَ إلَى الْمُوصَى لَهُ حَتَّى يَسْتَوْفِيَ وَصِيَّتَهُ، وَإِنْ كَانَ لَا يَخْرُجُ وَلَمْ تُجِزْ الْوَرَثَةُ يَخْدُمُ الْمُوصَى لَهُ يَوْمًا وَالْوَرَثَةَ يَوْمَيْنِ حَتَّى تَمْضِيَ السَّنَةُ الَّتِي عَيَّنَهَا ثُمَّ يُسَلِّمَهُ إلَى الْوَرَثَةِ، وَإِنْ لَمْ يُعَيِّنْ فَإِنْ كَانَ الْعَبْدُ يَخْرُجُ مِنْ ثُلُثِ الْمَالِ أَوْ لَا يَخْرُجُ وَأَجَازَتْ الْوَرَثَةُ يُسَلَّمُ الْعَبْدُ إلَى الْمُوصَى لَهُ لِيَسْتَخْدِمَهُ سَنَةً كَامِلَةً ثُمَّ يَرُدُّهُ إلَى الْوَرَثَةِ، وَإِنْ لَمْ يَخْرُجْ وَلَمْ تُجِزْ الْوَرَثَةُ يَخْدُمُ الْمُوصَى لَهُ يَوْمًا وَالْوَرَثَةَ يَوْمَيْنِ إلَى ثَلَاثِ سِنِينَ ثُمَّ يَرُدُّهُ إلَى الْوَرَثَةِ، وَهَذَا
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute