كَمَا فِي وَصِيَّةِ الرَّقَبَةِ وَالْخِدْمَةِ. وَلِمُحَمَّدٍ أَنَّ اسْمَ الْخَاتَمِ يَتَنَاوَلُ الْحَلْقَةَ وَالْفَصَّ. وَكَذَلِكَ اسْمُ الْجَارِيَةِ يَتَنَاوَلُهَا وَمَا فِي بَطْنِهَا. وَاسْمُ الْقَوْصَرَةِ كَذَلِكَ، وَمِنْ أَصْلِنَا أَنَّ الْعَامَّ الَّذِي مُوجِبُهُ ثُبُوتُ الْحُكْمِ عَلَى سَبِيلِ الْإِحَاطَةِ بِمَنْزِلَةِ الْخَاصِّ فَقَدْ اجْتَمَعَ فِي الْفَصِّ وَصِيَّتَانِ وَكُلٌّ مِنْهُمَا وَصِيَّةٌ بِإِيجَابٍ عَلَى حِدَةٍ فَيُجْعَلُ الْفَصُّ بَيْنَهُمَا نِصْفَيْنِ، وَلَا يَكُونُ إيجَابُ الْوَصِيَّةِ فِيهِ لِلثَّانِي رُجُوعًا عَنْ الْأَوَّلِ، كَمَا إذَا أَوْصَى لِلثَّانِي بِالْخَاتَمِ، بِخِلَافِ الْخِدْمَةِ مَعَ الرَّقَبَةِ لِأَنَّ اسْمَ الرَّقَبَةِ لَا يَتَنَاوَلُ الْخِدْمَةَ وَإِنَّمَا يَسْتَخْدِمُهُ الْمُوصَى لَهُ بِحُكْمِ أَنَّ الْمَنْفَعَةَ حَصَلَتْ عَلَى مِلْكِهِ، فَإِذَا أَوْجَبَ الْخِدْمَةَ لِغَيْرِهِ لَا يَبْقَى لِلْمُوصَى لَهُ فِيهِ حَقٌّ، بِخِلَافِ مَا إذَا كَانَ الْكَلَامُ مَوْصُولًا لِأَنَّ ذَلِكَ دَلِيلُ التَّخْصِيصِ وَالِاسْتِثْنَاءِ، فَتَبَيَّنَ أَنَّهُ أَوْجَبَ لِصَاحِبِ الْخَاتَمِ الْحَلْقَةَ خَاصَّةً دُونَ الْفَصِّ.
قَالَ (وَمَنْ أَوْصَى لِآخَرَ بِثَمَرَةِ بُسْتَانِهِ ثُمَّ مَاتَ وَفِيهِ ثَمَرَةٌ فَلَهُ هَذِهِ الثَّمَرَةُ وَحْدَهَا، وَإِنْ قَالَ لَهُ ثَمَرَةُ بُسْتَانِي أَبَدًا فَلَهُ هَذِهِ الثَّمَرَةُ وَثَمَرَتُهُ فِيمَا يُسْتَقْبَلُ مَا عَاشَ، وَإِنْ أَوْصَى
كَانَ أَحَدُهُمَا مُنْفَصِلًا عَنْ الْآخَرِ فَكَذَلِكَ عِنْدَ أَبِي يُوسُفَ خِلَافًا لِمُحَمَّدٍ. وَقَوْلُهُ (كَمَا فِي وَصِيَّةِ الرَّقَبَةِ وَالْخِدْمَةِ) فَإِنَّ الْمَوْصُولَ وَالْمَفْصُولَ فِيهِمَا فِي الْحُكْمِ سَوَاءٌ، وَتَأْخِيرُ تَعْلِيلِ مُحَمَّدٍ وَالْجَوَابُ عَمَّا اسْتَدَلَّ بِهِ أَبُو يُوسُفَ فِي الْكِتَابِ وَالْمَبْسُوطِ دَلِيلٌ عَلَى أَنَّ الْمُعَوَّلَ عَلَى قَوْلِ مُحَمَّدٍ.
قَالَ (وَمَنْ أَوْصَى لِآخَرَ بِثَمَرَةِ بُسْتَانِهِ ثُمَّ مَاتَ وَفِيهِ ثَمَرَةٌ) الْمَسَائِلُ الْمُتَعَلِّقَةُ بِالِاقْتِصَارِ عَلَى الْمَوْجُودِ مِنْ الْمُوصِي بِهِ وَالتَّعَدِّي إلَى مَا يَحْدُثُ عَلَى وُجُوهٍ ثَلَاثَةٍ: فِي وَجْهٍ: يَقَعُ عَلَى الْمَوْجُودِ وَالْحَادِثِ مَا عَاشَ الْمُوصَى لَهُ ذَكَرَ الْأَبَدَ أَوْ لَمْ يَذْكُرْ كَالْوَصِيَّةِ بِغَلَّةِ بُسْتَانِهِ أَوْ أَرْضِهِ أَوْ سُكْنَى دَارِهِ أَوْ خِدْمَةِ عَبْدِهِ؛ فَإِنَّ الْعُرْفَ فِيهَا جَارٍ عَلَى الْأَبَدِ، وَيُعْتَبَرُ خُرُوجُهُ مِنْ الثُّلُثِ، وَفِي وَجْهٍ: يَقَعُ عَلَى الْمَوْجُودِ دُونَ الْحَادِثِ ذَكَرَ الْأَبَدَ أَوْ لَمْ يَذْكُرْهُ، كَالْوَصِيَّةِ بِالصُّوفِ عَلَى ظَهْرِ الْغَنَمِ وَالْوَلَدِ فِي بَطْنِ جَارِيَتِهِ وَاللَّبَنِ فِي الضَّرْعِ؛ لِأَنَّ الْمَعْدُومَ مِنْ هَذِهِ الْأَشْيَاءِ لَا يُسْتَحَقُّ بِهِ بِوَجْهٍ مَا. وَفِي وَجْهٍ: أَنَّ ذِكْرَ الْأَبَدِ يَقَعُ عَلَى الْمَوْجُودِ وَالْحَادِثِ
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute