لِأَنَّ الْوَصِيَّةَ فِيهَا مَعْنَى الِاسْتِخْلَافِ وَمَعْنَى التَّمْلِيكِ، وَلَهُ وِلَايَةُ ذَلِكَ فَأَمْكَنَ تَصْحِيحُهُ عَلَى اعْتِبَارِ الْمَعْنَيَيْنِ.
قَالَ (وَإِنْ أَوْصَى بِدَارِهِ كَنِيسَةً لِقَوْمٍ غَيْرِ مُسَمِّينَ جَازَتْ الْوَصِيَّةُ عِنْدَ أَبِي حَنِيفَةَ، وَقَالَا: الْوَصِيَّةُ بَاطِلَةٌ) لِأَنَّ هَذِهِ مَعْصِيَةٌ حَقِيقَةً وَإِنْ كَانَ فِي مُعْتَقَدِهِمْ قُرْبَةٌ، وَالْوَصِيَّةُ بِالْمَعْصِيَةِ بَاطِلَةٌ لِمَا فِي تَنْفِيذِهَا مِنْ تَقْرِيرِ الْمَعْصِيَةِ. وَلِأَبِي حَنِيفَةَ أَنَّ هَذِهِ قُرْبَةٌ فِي مُعْتَقَدِهِمْ وَنَحْنُ أُمِرْنَا بِأَنْ نَتْرُكَهُمْ وَمَا يَدِينُونَ فَتَجُوزُ بِنَاءً عَلَى اعْتِقَادِهِمْ؛ أَلَا يُرَى أَنَّهُ لَوْ أَوْصَى بِمَا هُوَ قُرْبَةٌ حَقِيقَةً مَعْصِيَةٌ فِي مُعْتَقَدِهِمْ لَا تَجُوزُ الْوَصِيَّةُ اعْتِبَارًا لِاعْتِقَادِهِمْ فَكَذَا عَكْسُهُ.
؛ لِأَنَّ فِي الْوَصِيَّةِ مَعْنَى الِاسْتِخْلَافِ وَالتَّمْلِيكِ) وَلِلذِّمِّيِّ وِلَايَةُ التَّمْلِيكِ (فَأَمْكَنَ تَصْحِيحُهُ) أَيْ: تَصْحِيحُ إيصَائِهِ (عَلَى اعْتِبَارِ الْمَعْنَيَيْنِ) يَعْنِي الِاسْتِخْلَافَ وَالتَّمْلِيكَ فَجَعَلْنَاهُ مِنْ الثُّلُثِ نَظَرًا إلَى الِاسْتِخْلَافِ فَجَوَّزْنَا ذَلِكَ نَظَرًا إلَى التَّمْلِيكِ، وَإِذَا صَارَ مِلْكًا لِلْمُسْلِمِينَ صَنَعُوا بِهِ مَا شَاءُوا
(وَإِنْ أَوْصَى أَنْ تُجْعَلَ دَارُهُ كَنِيسَةً لِقَوْمٍ غَيْرِ مُسَمِّينَ) يَعْنِي قَوْمًا غَيْرَ مَحْصُورِينَ (جَازَتْ الْوَصِيَّةُ عِنْدَ أَبِي حَنِيفَةَ، وَقَالَا: هِيَ بَاطِلَةٌ؛ لِأَنَّ هَذِهِ) فِي الْحَقِيقَةِ (مَعْصِيَةٌ وَإِنْ كَانَ فِي مُعْتَقَدِهِمْ قُرْبَةٌ وَالْوَصِيَّةُ بِالْمَعْصِيَةِ بَاطِلَةٌ؛ لِمَا فِي تَنْفِيذِهَا مِنْ تَقْرِيرِهَا. وَلِأَبِي حَنِيفَةَ) أَنَّ الِاعْتِبَارَ لِمُعْتَقَدِهِمْ، فَإِنَّهُمْ لَوْ أَوْصَوْا بِالْحَجِّ لَمْ يُعْتَبَرْ وَإِنْ كَانَ عِبَادَةً عِنْدَنَا بِلَا خِلَافٍ، فَكَذَلِكَ إذَا أَوْصَوْا بِمَا هُوَ فِي مُعْتَقَدِهِمْ عِبَادَةٌ صَحَّ وَإِنْ كَانَ عِنْدَنَا مَعْصِيَةً؛ لِأَنَّا أُمِرْنَا أَنْ نَتْرُكَهُمْ وَمَا يَدِينُونَ. قَالُوا: هَذَا الْخِلَافُ إذَا أَوْصَى بِبِنَاءِ بِيعَةٍ أَوْ كَنِيسَةٍ فِي الْقُرَى، فَأَمَّا فِي الْمِصْرِ فَلَا يَجُوزُ بِالِاتِّفَاقِ؛ لِأَنَّهُمْ لَا يُمَكَّنُونَ مِنْ إحْدَاثِ ذَلِكَ فِي الْأَمْصَارِ، وَذَكَرَ الْفَرْقَ بَيْنَ بِنَاءِ
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute