لِأَنَّ الْوَارِثَ خَلِيفَةُ الْمَيِّتِ حَتَّى يَرُدَّ بِالْعَيْبِ وَيَرُدَّ عَلَيْهِ بِهِ وَيَصِيرَ مَغْرُورًا بِشِرَاءِ الْمُورِثِ وَالْوَصِيُّ خَلِيفَةُ الْمَيِّتِ أَيْضًا فَيَكُونُ خَصْمًا عَنْ الْوَارِثِ إذَا كَانَ غَائِبًا فَصَحَّتْ قِسْمَتُهُ عَلَيْهِ، حَتَّى لَوْ حَضَرَ وَقَدْ هَلَكَ مَا فِي يَدِ الْوَصِيِّ لَيْسَ لَهُ أَنْ يُشَارِكَ الْمُوصَى لَهُ، أَمَّا الْمُوصَى لَهُ فَلَيْسَ بِخَلِيفَةٍ عَنْ الْمَيِّتِ مِنْ كُلِّ وَجْهٍ لِأَنَّهُ مَلَكَهُ بِسَبَبٍ جَدِيدٍ، وَلِهَذَا لَا يُرَدُّ بِالْعَيْبِ وَلَا يُرَدُّ عَلَيْهِ، وَلَا يَصِيرُ مَغْرُورًا بِشِرَاءِ الْمُوصِي فَلَا يَكُونُ الْوَصِيُّ خَلِيفَةً عَنْهُ عِنْدَ غَيْبَتِهِ، حَتَّى لَوْ هَلَكَ مَا أَفْرَزَ لَهُ عِنْدَ الْوَصِيِّ كَانَ لَهُ ثُلُثُ مَا بَقِيَ لِأَنَّ الْقِسْمَةَ لَمْ تَنْفُذْ عَلَيْهِ، غَيْرَ أَنَّ الْوَصِيَّ لَا يَضْمَنُ لِأَنَّهُ أَمِينٌ فِيهِ، وَلَهُ وِلَايَةُ الْحِفْظِ فِي التَّرِكَةِ فَصَارَ كَمَا إذَا هَلَكَ بَعْضُ التَّرِكَةِ قَبْلَ الْقِسْمَةِ فَيَكُونُ لَهُ ثُلُثُ الْبَاقِي لِأَنَّ الْمُوصَى لَهُ شَرِيكُ الْوَارِثِ فَيَتْوَى مَا تَوِيَ مِنْ الْمَالِ الْمُشْتَرَكِ عَلَى الشَّرِكَةِ وَيَبْقَى مَا بَقِيَ عَلَى الشَّرِكَةِ. قَالَ (فَإِنْ قَاسَمَ الْوَرَثَةَ وَأَخَذَ نَصِيبَ الْمُوصَى لَهُ فَضَاعَ رَجَعَ الْمُوصَى لَهُ بِثُلُثِ مَا بَقِيَ) لِمَا بَيَّنَّا. .
قَالَ (وَإِنْ كَانَ الْمَيِّتُ أَوْصَى بِحَجَّةٍ فَقَاسَمَ فِي الْوَرَثَةِ فَهَلَكَ مَا فِي - رَضِيَ اللَّهُ تَعَالَى عَنْهُ - يَدِهِ حَجَّ عَنْ الْمَيِّتِ مِنْ ثُلُثِ مَا بَقِيَ، وَكَذَلِكَ إنْ دَفَعَهُ إلَى رَجُلٍ لِيَحُجَّ
وَقَوْلُهُ حَتَّى يَرُدَّ بِالْعَيْبِ) أَيْ: فِيمَا اشْتَرَاهُ الْمُورَثُ (وَيُرَدُّ عَلَيْهِ) أَيْ: فِيمَا بَاعَهُ الْمُورَثُ وَيَصِيرُ مَغْرُورًا بِشِرَاءِ الْمُورَثِ؛ فَإِنَّهُ إذَا اشْتَرَى جَارِيَةً فَمَاتَ ثُمَّ اسْتَوْلَدَهَا الْوَارِثُ ثُمَّ اُسْتُحِقَّتْ الْجَارِيَةُ فَإِنَّهُ يَرْجِعُ عَلَى بَائِعِ الْمَيِّتِ، وَلَوْ لَمْ يَكُنْ خَلِيفَةً لَمَا رَجَعَ، كَمَا لَوْ بَاعَهَا الْمُورَثُ مِنْ آخَرَ وَالْمَسْأَلَةُ بِحَالِهَا فَإِنَّ الْمُشْتَرِيَ يَرْجِعُ عَلَى بَائِعِهِ دُونَ بَائِعِ بَائِعِهِ؛ لِأَنَّهُ لَيْسَ بِخَلِيفَةٍ عَنْ بَائِعِهِ حَتَّى يَكُونَ غُرُورُهُ كَغُرُورِهِ (وَقَوْلُهُ غَيْرَ أَنَّ الْوَصِيَّ لَا يَضْمَنُ) جَوَابُ سُؤَالٍ تَقْدِيرُهُ إذَا كَانَتْ الْقِسْمَةُ غَيْرَ صَحِيحَةٍ كَانَ تَصَرُّفُهُ غَيْرَ مَشْرُوعٍ وَهَلَكَ الْمَالُ بَعْدَ ذَلِكَ الْفِعْلِ الَّذِي هُوَ غَيْرُ مَشْرُوعٍ فَيَجِبُ الضَّمَانُ، كَمَا لَوْ تَعَدَّى عَلَى الْمَالِ وَاسْتَهْلَكَهُ، وَوَجْهُ الْجَوَابِ مَا قَالَ؛ لِأَنَّهُ أَمِينٌ فِيهِ، وَلَهُ وِلَايَةُ الْحِفْظِ فِي التَّرِكَةِ فَصَارَ كَمَا إذَا هَلَكَ بَعْضُ التَّرِكَةِ قَبْلَ الْقِسْمَةِ إلَخْ، وَفِيهِ إشَارَةٌ إلَى أَنَّهُ لَا ضَمَانَ عَلَيْهِ إذَا كَانَ مَا أَفْرَزَهُ لِلْوَرَثَةِ فِي يَدِهِ؛ لِأَنَّ الْحِفْظَ إنَّمَا يُتَصَوَّرُ فِي ذَلِكَ. أَمَّا لَوْ سَلَّمَهُ إلَيْهِمْ فَالْمُوصَى لَهُ بِالْخِيَارِ إنْ شَاءَ ضَمَّنَ الْقَابِضَ بِالْقَبْضِ وَإِنْ شَاءَ ضَمَّنَ الدَّافِعَ بِالدَّفْعِ، كَذَا فِي النِّهَايَةِ. فَإِنْ قَاسَمَ الْوَرَثَةَ كَانَ مَعْلُومًا مِنْ سِيَاقِ كَلَامِهِ، وَلَكِنْ ذَكَرَهُ لِكَوْنِهِ لَفْظَ الْجَامِعِ الصَّغِيرِ (وَقَوْلُهُ لِمَا بَيَّنَّا) إشَارَةٌ إلَى قَوْلِهِ؛ (لِأَنَّ الْقِسْمَةَ لَمْ تَنْفُذْ عَلَيْهِ).
(قَالَ وَإِنْ كَانَ الْمَيِّتُ أَوْصَى بِحَجَّةٍ إلَخْ) رَجُلٌ مَاتَ وَتَرَكَ أَرْبَعَةَ آلَافِ
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute