وَأَنْ يَخْلُوَ بِهِ غَيْرُ مَحْرَمٍ مِنْ رَجُلٍ أَوْ امْرَأَةٍ، وَأَنْ يُسَافِرَ مِنْ غَيْرِ مَحْرَمٍ مِنْ الرِّجَالِ) تَوَقِّيًا عَنْ احْتِمَالِ الْمَحْرَمِ (وَإِنْ أَحْرَمَ وَقَدْ رَاهَقَ قَالَ أَبُو يُوسُفَ: لَا عِلْمَ لِي فِي لِبَاسِهِ) لِأَنَّهُ إنْ كَانَ ذَكَرًا يُكْرَهُ لَهُ لُبْسُ الْمِخْيَطِ، وَإِنْ كَانَ أُنْثَى يُكْرَهُ لَهُ تَرْكُهُ (وَقَالَ مُحَمَّدٌ: يَلْبَسُ لِبَاسَ الْمَرْأَةِ) لِأَنَّ تَرْكَ لُبْسِ الْمِخْيَطِ وَهُوَ امْرَأَةٌ أَفْحَشُ مِنْ لُبْسِهِ وَهُوَ رَجُلٌ، وَلَا شَيْءَ عَلَيْهِ لِأَنَّهُ لَمْ يَبْلُغْ
(وَمَنْ حَلَفَ بِطَلَاقٍ أَوْ عَتَاقٍ إنْ كَانَ أَوَّلُ وَلَدٍ تَلِدِينَهُ غُلَامًا فَوَلَدَتْ خُنْثَى لَمْ يَقَعْ حَتَّى يَسْتَبِينَ أَمْرُ الْخُنْثَى) لِأَنَّ الْخَنَثَ لَا يَثْبُتُ بِالشَّكِّ (وَلَوْ قَالَ كُلُّ عَبْدٍ لِي حُرٌّ أَوْ قَالَ كُلُّ أَمَةٍ لِي حُرَّةٌ وَلَهُ مَمْلُوكٌ خُنْثَى لَمْ يُعْتَقْ حَتَّى يَسْتَبِينَ أَمْرُهُ) لِمَا قُلْنَا (وَإِنْ قَالَ الْقَوْلَيْنِ جَمِيعًا عَتَقَ) لِلتَّيَقُّنِ بِأَحَدِ الْوَصْفَيْنِ لِأَنَّهُ لَيْسَ بِمُهْمَلٍ (وَإِنْ قَالَ الْخُنْثَى أَنَا رَجُلٌ أَوْ أَنَا امْرَأَةٌ لَمْ يُقْبَلْ قَوْلُهُ إذَا كَانَ مُشْكِلًا) لِأَنَّهُ دَعْوَى يُخَالِفُ قَضِيَّةَ الدَّلِيلِ (وَإِنْ لَمْ يَكُنْ مُشْكِلًا يَنْبَغِي أَنْ يُقْبَلَ قَوْلُهُ) لِأَنَّهُ أَعْلَمُ بِحَالِهِ مِنْ غَيْرِهِ (وَإِنْ مَاتَ قَبْلَ أَنْ يَسْتَبِينَ أَمْرُهُ لَمْ يُغَسِّلْهُ رَجُلٌ وَلَا امْرَأَةٌ) لِأَنَّ حَلَّ الْغُسْلِ غَيْرُ ثَابِتٍ بَيْنَ الرِّجَالِ وَالنِّسَاءِ (فَيَتَوَقَّى لِاحْتِمَالِ الْحُرْمَةِ وَيُيَمَّمُ بِالصَّعِيدِ) لِتَعَذُّرِ الْغُسْلِ (وَلَا يَحْضُرُ إنْ كَانَ مُرَاهِقًا غُسْلَ رَجُلٍ وَلَا امْرَأَةٍ) لِاحْتِمَالِ أَنَّهُ ذَكَرٌ أَوْ أُنْثَى (وَإِنْ سَجَّى قَبْرَهُ فَهُوَ أَحَبُّ) لِأَنَّهُ إنْ كَانَ أُنْثَى يُقِيمُ وَاجِبًا، وَإِنْ كَانَ ذَكَرًا فَالتَّسْجِيَةُ لَا تَضُرُّهُ.
لَا كَنَظَرِ الرَّجُلِ إلَى الرَّجُلِ؛ لِأَنَّهُ لَوْ كَانَ كَنَظَرِ الرَّجُلِ إلَى الرَّجُلِ لَجَازَ لَهُ التَّكَشُّفُ لِلنِّسَاءِ فِي إزَارٍ وَاحِدٍ. وَقَوْلُهُ (وَأَنْ يَخْلُوَ بِهِ) أَيْ يُكْرَهَ أَنْ يَخْلُوَ بِهِ (غَيْرُ مَحْرَمٍ مِنْ رَجُلٍ أَوْ امْرَأَةٍ) لِقَوْلِهِ ﷺ «أَلَا لَا يَخْلُوَنَّ رَجُلٌ بِامْرَأَةٍ لَيْسَ مِنْهَا بِسَبِيلٍ فَإِنَّ ثَالِثَهُمَا الشَّيْطَانُ» وَأَمْرُهُ فِي ذَلِكَ مُحْتَمَلٌ نَظَرًا إلَى حَالَيْهِ. وَقَوْلُهُ (لَا عِلْمَ لِي فِي لِبَاسِهِ) يَعْنِي لِاشْتِبَاهِ حَالِهِ وَعَدَمِ الْمُرَجِّحِ، وَقَوْلُ مُحَمَّدٍ ظَاهِرٌ.
وَقَوْلُهُ (لِمَا قُلْنَا) إشَارَةٌ إلَى قَوْلِهِ؛ لِأَنَّ الْحِنْثَ لَا يَثْبُتُ بِالشَّكِّ. وَقَوْلُهُ (وَإِنْ قَالَ بِالْقَوْلَيْنِ) يَعْنِي: أَنْ يَقُولَ كُلُّ عَبْدٍ لِي وَكُلُّ أَمَةٍ لِي فَهُوَ حُرٌّ وَقَوْلُهُ (لِأَنَّهُ لَيْسَ بِمُهْمَلٍ) يَعْنِي أَنَّهُ فِي الْوَاقِعِ لَيْسَ بِخَالٍ عَنْ أَحَدِ الْحَالَيْنِ. وَقَوْلُهُ (؛ لِأَنَّهُ دَعْوَى يُخَالِفُ قَضِيَّةَ الدَّلِيلِ)؛ لِأَنَّهُ يَقْتَضِي بَقَاءَ الْإِشْكَالِ وَهُوَ لَا يُعْلَمُ فِي ذَلِكَ مِنْ نَفْسِهِ خِلَافٌ مَا لَمْ يَعْلَمْ بِهِ غَيْرُهُ.
وَقَوْلُهُ (يَنْبَغِي أَنْ يُقْبَلَ) إنَّمَا قَالَ بِلَفْظِ يَنْبَغِي؛ لِأَنَّ حُكْمَهُ غَيْرُ مَذْكُورٍ فَلَمْ يَتَيَقَّنْ بِهِ (وَقَوْلُهُ؛ لِأَنَّ حِلَّ الْغُسْلِ غَيْرُ ثَابِتٍ بَيْنَ الرِّجَالِ وَالنِّسَاءِ) أَيْ غُسْلُ الرَّجُلِ الْمَرْأَةِ، وَعَكْسُهُ غَيْرُ ثَابِتٍ فِي الشَّرْعِ؛ فَإِنَّ النَّظَرَ إلَى الْعَوْرَةِ حَرَامٌ وَالْحُرْمَةُ لَمْ تَنْكَشِفْ بِالْمَوْتِ، إلَّا إنَّ نَظَرَ الْجِنْسِ إلَى الْجِنْسِ أَخَفُّ فَلِأَجْلِ الضَّرُورَةِ أُبِيحَ نَظَرُ الْجِنْسِ عِنْدَ الْغُسْلِ، وَالْمُرَاهِقُ كَالْبَالِغِ فِي وُجُوبِ سَتْرِ عَوْرَتِهِ؛ فَإِنْ كَانَ مُشْكِلًا لَمْ يُعْرَفْ لَهُ جِنْسٌ فَتَعَذَّرَ غُسْلُهُ فَصَارَ بِمَنْزِلَةِ مَنْ تَعَذَّرَ غُسْلُهُ؛ لِعَدَمِ مَا يُغْسَلُ بِهِ فَيُيَمَّمُ بِالصَّعِيدِ، وَهُوَ نَظِيرُ امْرَأَةٍ مَاتَتْ بَيْنَ رِجَالٍ أَوْ عَكْسِهِ فَإِنَّهُ
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute