(وَإِذَا مَاتَ فَصُلِّيَ عَلَيْهِ وَعَلَى رَجُلٍ وَامْرَأَةٍ وُضِعَ الرَّجُلُ مِمَّا يَلِي الْإِمَامَ وَالْخُنْثَى خَلْفَهُ وَالْمَرْأَةُ خَلْفَ الْخُنْثَى فَيُؤَخَّرُ عَنْ الرَّجُلِ) لِاحْتِمَالِ أَنَّهُ امْرَأَةٌ (وَيُقَدَّمُ عَلَى الْمَرْأَةِ) لِاحْتِمَالِ أَنَّهُ رَجُلٌ
(وَلَوْ دُفِنَ مَعَ رَجُلٍ فِي قَبْرٍ وَاحِدٍ مِنْ عُذْرٍ جُعِلَ الْخُنْثَى خَلْفَ الرَّجُلِ) لِاحْتِمَالِ أَنَّهُ امْرَأَةٌ (وَيُجْعَلُ بَيْنهمَا حَاجِزٌ مِنْ صَعِيدٍ، وَإِنْ كَانَ مَعَ امْرَأَةٍ قُدِّمَ الْخُنْثَى) لِاحْتِمَالِ أَنَّهُ رَجُلٌ (وَإِنْ جُعِلَ عَلَى السَّرِيرِ نَعْشُ الْمَرْأَةِ فَهُوَ أَحَبُّ إلَيَّ) لِاحْتِمَالِ أَنَّهُ عَوْرَةٌ، (وَيُكَفَّنُ كَمَا تُكَفَّنُ الْجَارِيَةُ وَهُوَ أَحَبُّ إلَيَّ) يَعْنِي يُكَفَّنُ فِي خَمْسِ أَثْوَابٍ لِأَنَّهُ إذَا كَانَ أُنْثَى فَقَدْ أُقِيمَتْ سُنَّةٌ، وَإِنْ كَانَ ذَكَرًا فَقَدْ زَادُوا عَلَى الثَّلَاثِ وَلَا بَأْسَ بِذَلِكَ.
(وَلَوْ مَاتَ أَبُوهُ وَخَلَفَ ابْنًا فَالْمَالُ بَيْنَهُمَا عِنْدَ أَبِي حَنِيفَةَ أَثْلَاثًا لِلِابْنِ سَهْمَانِ، وَلِلْخُنْثَى سَهْمٌ وَهُوَ أُنْثَى عِنْدَهُ فِي الْمِيرَاثِ إلَّا أَنْ يَتَبَيَّنَ غَيْرَ ذَلِكَ) وَقَالَا: لِلْخُنْثَى نِصْفُ مِيرَاثِ ذَكَرٍ وَنِصْفُ مِيرَاثِ أُنْثَى وَهُوَ قَوْلُ الشَّعْبِيِّ. وَاخْتَلَفَا فِي قِيَاسِ قَوْلِهِ قَالَ مُحَمَّدٌ: الْمَالُ بَيْنَهُمَا عَلَى اثْنَيْ عَشَرَ سَهْمًا لِلِابْنِ سَبْعَةٌ
يُيَمَّمُ بِالصَّعِيدِ مَعَ الْخِرْقَةِ إنْ يَمَّمَ الْأَجْنَبِيُّ، وَبِغَيْرِهَا إنْ كَانَ ذَا رَحِمٍ مَحْرَمٍ مِنْ الْمَيِّتِ، وَيَنْظُرُ الْمُيَمِّمُ إلَى وَجْهِهِ وَيُعْرِضُ وَجْهَهُ عَنْ ذِرَاعَيْهِ لِجَوَازِ أَنْ يَكُونَ امْرَأَةً، وَلَا يَشْتَرِي جَارِيَةً لِلْغُسْلِ كَمَا كَانَ يُفْعَلُ لِلْخِتَانِ؛ لِأَنَّهُ بَعْدَ الْمَوْتِ لَا يَقْبَلُ الْمَالِكِيَّةَ فَالشِّرَاءُ غَيْرُ مُفِيدٍ بِخِلَافِ الشِّرَاءِ لِلْخِتَانِ فَإِنَّهُ فِي حَالِ الْحَيَاةِ وَلَهُ أَهْلِيَّةُ الْمَالِكِيَّةِ فِيهَا. وَقَوْلُهُ (وَضْعُ الرَّجُلِ مِمَّا يَلِي الْإِمَامَ وَالْخُنْثَى خَلْفَهُ) يَعْنِي اعْتِبَارًا بِحَالِ الْحَيَاةِ؛ لِأَنَّهُ يَقُومُ بَيْنَ صَفِّ الرِّجَالِ وَالنِّسَاءِ، فَكَانَ فِي الْقُرْبِ مِنْ الْإِمَامِ بَعْدَ دَرَجَةٍ، فَكَذَلِكَ فِي حَالِ الْمَمَاتِ، وَالْأَصْلُ فِيهِ قَوْلُهُ ﷺ «لِيَلِيَنِّي مِنْكُمْ أُولُو الْأَحْلَامِ وَالنُّهَى»
(وَلَوْ دُفِنَ مَعَ رَجُلٍ فِي قَبْرٍ وَاحِدٍ مِنْ عُذْرٍ جُعِلَ الْخُنْثَى خَلْفَ الرَّجُلِ) يَعْنِي يُقَدَّمُ الرَّجُلُ إلَى جَانِبِ الْقِبْلَةِ؛ لِأَنَّ جِهَتَهَا أَشْرَفُ، فَالرَّجُلُ لِلتَّقْرِيبِ إلَيْهِ أَوْلَى، وَقَدْ جَاءَ فِي الْحَدِيثِ " أَنَّهُ ﷺ أَمَرَ بِتَقْدِيمِ أَكْثَرِهِمْ أَخْذًا لِلْقُرْآنِ جَانِبَ الْقِبْلَةِ " (وَيُجْعَلُ بَيْنَهُمَا حَاجِزٌ مِنْ صَعِيدٍ) لِيَصِيرَ ذَلِكَ فِي حُكْمِ قَبْرَيْنِ.
وَقَوْلُهُ (وَإِنْ جُعِلَ عَلَى السَّرِيرِ نَعْشُ الْمَرْأَةِ) النَّعْشُ شِبْهُ الْمِحَفَّةِ مُشْتَبِكٌ يُطْبَقُ عَلَى الْمَرْأَةِ إذَا وُضِعَتْ عَلَى الْجِنَازَةِ، وَقَدْ تَقَدَّمَ فِي كِتَابِ الصَّلَاةِ. وَقَوْلُهُ (وَإِنْ كَانَ ذَكَرًا فَقَدْ زَادُوا عَلَى الثَّلَاثِ) فَلَا بِذَلِكَ بَأْسَ؛ لِأَنَّ عَدَدَ الْكَفَنِ مُعْتَبَرٌ بِعَدَدِ الثِّيَابِ فِي حَالِ الْحَيَاةِ، فَالزِّيَادَةُ عَلَى الثَّلَاثَةِ فِي الْكَفَنِ لِلرَّجُلِ غَيْرُ ضَائِرَةٍ كَمَا فِي حَالِ الْحَيَاةِ؛ فَإِنَّ لِلرَّجُلِ أَنْ يَلْبَسَ حَالَ حَيَاتِهِ أَزْيَدَ عَلَى الثَّلَاثَةِ، وَأَمَّا إذَا كَانَ أُنْثَى كَانَ فِي الِاقْتِصَارِ عَلَى الثَّلَاثَةِ تَرْكُ السُّنَّةِ؛ فَإِنَّ السُّنَّةَ فِي كَفَنِهَا خَمْسَةُ أَثْوَابٍ.
(قَالَ وَلَوْ مَاتَ أَبُوهُ وَخَلَّفَ ابْنًا) اعْلَمْ أَنَّ الشَّيْخَ أَبَا الْحَسَنِ الْقُدُورِيَّ ذَكَرَ قَوْلَ مُحَمَّدٍ مَعَ أَبِي يُوسُفَ، وَكَذَلِكَ أَثْبَتَ الْمُصَنِّفُ فِي الْكِتَابِ، وَكَذَا ذَكَرَهُ الشَّيْخُ أَبُو نَصْرٍ الْبَغْدَادِيُّ. وَفِي عَامَّةِ الْكُتُبِ ذَكَرَ قَوْلَ مُحَمَّدٍ مَعَ أَبِي حَنِيفَةَ، وَلَكِنْ أَبُو يُوسُفَ وَمُحَمَّدٌ اخْتَلَفَا فِي تَخْرِيجِ قَوْلِ الشَّعْبِيِّ، فَمُحَمَّدٌ فَسَّرَهُ عَلَى وَجْهٍ وَلَمْ يَأْخُذْ بِهِ. وَأَبُو يُوسُفَ فَسَّرَهُ عَلَى وَجْهٍ وَلَمْ يَأْخُذْ بِهِ، وَهُوَ أَنْ تُجْعَلَ الْمَسْأَلَةُ عَلَى سَبْعَةٍ، ثُمَّ رَجَعَ عَنْ ذَلِكَ وَفَسَّرَهُ عَلَى وَجْهٍ آخَرَ، وَهُوَ تَفْسِيرُ مُحَمَّدٍ بِأَنْ تُجْعَلَ عَلَى اثْنَيْ عَشَرَ وَأَخَذَ بِهِ، وَكَانَ قَوْلُ أَبِي يُوسُفَ أَوَّلًا كَقَوْلِ أَبِي حَنِيفَةَ وَمُحَمَّدٍ
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute