وَلِلْخُنْثَى خَمْسَةٌ. وَقَالَ أَبُو يُوسُفَ: الْمَالُ بَيْنَهُمَا عَلَى سَبْعَةٍ لِلِابْنِ أَرْبَعَةٌ وَلِلْخُنْثَى ثَلَاثَةٌ، لِأَنَّ الِابْنَ يَسْتَحِقُّ كُلَّ الْمِيرَاثِ عِنْدَ الِانْفِرَادِ وَالْخُنْثَى ثَلَاثَةُ الْأَرْبَاعِ، فَعِنْدَ الِاجْتِمَاعِ يُقْسَمُ بَيْنَهُمَا عَلَى قَدْرِ حَقَّيْهِمَا هَذَا يَضْرِبُ بِثَلَاثَةٍ وَذَلِكَ يَضْرِبُ بِأَرْبَعَةٍ فَيَكُونُ سَبْعَةً. وَلِمُحَمَّدٍ أَنَّ الْخُنْثَى لَوْ كَانَ ذَكَرًا يَكُونُ الْمَالُ بَيْنَهُمَا نِصْفَيْنِ، وَإِنْ كَانَ أُنْثَى يَكُونُ الْمَالُ بَيْنَهُمَا أَثْلَاثًا احْتَجْنَا إلَى حِسَابٍ لَهُ نِصْفٌ وَثُلُثٌ، وَأَقَلُّ ذَلِكَ سِتَّةٌ، فَفِي حَالٍ يَكُونُ الْمَالُ بَيْنَهُمَا نِصْفَيْنِ لِكُلِّ وَاحِدٍ ثَلَاثَةٌ، وَفِي حَالٍ يَكُونُ أَثْلَاثًا لِلْخُنْثَى سَهْمَانِ وَلِلِابْنِ أَرْبَعَةٌ، فَسَهْمَانِ لِلْخُنْثَى ثَابِتَانِ بِيَقِينٍ. وَوَقَعَ الشَّكُّ فِي السَّهْمِ الزَّائِدِ فَيَتَنَصَّفُ فَيَكُونُ لَهُ سَهْمَانِ وَنِصْفٌ فَانْكَسَرَ فَيُضَعَّفُ لِيَزُولَ الْكَسْرُ فَصَارَ الْحِسَابُ مِنْ اثْنَيْ عَشَرَ لِلْخُنْثَى خَمْسَةٌ وَلِلِابْنِ سَبْعَةٌ. وَلِأَبِي حَنِيفَةَ أَنَّ الْحَاجَةَ هَاهُنَا إلَى إثْبَاتِ الْمَالِ ابْتِدَاءً، وَالْأَقَلُّ وَهُوَ مِيرَاثُ الْأُنْثَى مُتَيَقَّنٌ بِهِ، وَفِيمَا زَادَ عَلَيْهِ شَكٌّ، فَأَثْبَتْنَا الْمُتَيَقَّنَ قَصْرًا عَلَيْهِ لِأَنَّ الْمَالَ لَا يَجِبُ بِالشَّكِّ وَصَارَ كَمَا
فَنَقُولُ عَلَى مَا ذُكِرَ فِي الْكِتَابِ إذَا مَاتَ أَبُو الْخُنْثَى وَتَرَكَ ابْنًا فَالْمَالُ بَيْنَهُمَا أَثْلَاثًا عِنْدَ أَبِي حَنِيفَةَ لِلِابْنِ سَهْمَانِ وَلِلْخُنْثَى سَهْمٌ وَهُوَ أُنْثَى عِنْدَهُ فِي الْمِيرَاثِ إلَّا أَنْ يَتَبَيَّنَ غَيْرُ ذَلِكَ أَيْ: غَيْرُ كَوْنِهِ أُنْثَى لِظُهُورِ إحْدَى عَلَامَاتِ الذُّكُورِ بِلَا مُعَارِضٍ فَحِينَئِذٍ يُعْتَبَرُ ذَكَرًا.
وَقَالَا: لِلْخُنْثَى نِصْفُ مِيرَاثِ ذَكَرٍ، وَنِصْفُ مِيرَاثِ أُنْثَى، وَهُوَ قَوْلُ الشَّعْبِيِّ وَابْنِ أَبِي لَيْلَى وَالثَّوْرِيِّ وَهُوَ مَذْهَبُ ابْنِ عَبَّاسٍ. وَاخْتَلَفَا فِي قِيَاسِ قَوْلِ الشَّعْبِيِّ قَالَ مُحَمَّدٌ: الْمَالُ بَيْنَهُمَا عَلَى اثْنَيْ عَشَرَ سَهْمًا لِلِابْنِ سَبْعَةٌ وَلِلْخُنْثَى خَمْسَةٌ. وَقَالَ أَبُو يُوسُفَ: الْمَالُ بَيْنَهُمَا عَلَى سَبْعَةٍ لِلِابْنِ أَرْبَعَةٌ وَلِلْخُنْثَى ثَلَاثَةٌ؛ لِأَنَّ الِابْنَ يَسْتَحِقُّ كُلَّ الْمِيرَاثِ عِنْدَ الِانْفِرَادِ، وَالْخُنْثَى يَسْتَحِقُّ ثَلَاثَةَ الْأَرْبَاعِ؛ لِأَنَّ الْخُنْثَى فِي حَالٍ ابْنٌ، وَفِي حَالٍ بِنْتٌ، وَلِلْبِنْتِ فِي الْمِيرَاثِ نِصْفُ الِابْنِ فَيُجْعَلُ لَهُ نِصْفُ كُلِّ حَالٍ فَيَكُونُ لَهُ ثَلَاثَةُ أَرْبَاعِ نَصِيبِ ابْنٍ فَيُضْرَبُ مُخْرَجُ الرُّبُعِ وَهُوَ أَرْبَعَةٌ فِي سَهْمٍ، وَثَلَاثَةُ أَرْبَاعِ سَهْمٍ يَحْصُلُ سَبْعَةٌ فَلِلْخُنْثَى ثَلَاثَةٌ وَلِلِابْنِ أَرْبَعَةٌ.
وَلِمُحَمَّدٍ أَنَّ الْخُنْثَى لَوْ كَانَ ذَكَرًا كَانَ الْمَالُ بَيْنَهُمَا نِصْفَيْنِ، وَإِنْ كَانَ أُنْثَى أَثْلَاثًا فَاحْتَجْنَا إلَى حِسَابٍ لَهُ نِصْفٌ وَثُلُثٌ صَحِيحٌ وَأَقَلُّ ذَلِكَ سِتَّةٌ، فَفِي حَالِ الْمَالِ بَيْنَهُمَا نِصْفَيْنِ لِكُلِّ وَاحِدٍ ثَلَاثَةُ أَسْهُمٍ، وَفِي حَالٍ أَثْلَاثًا سَهْمَانِ لِلْخُنْثَى وَأَرْبَعَةٌ لِلِابْنِ، فَسَهْمَانِ لِلْخُنْثَى ثَابِتَانِ بِيَقِينٍ، وَالسَّهْمُ الزَّائِدُ وَقَعَ فِيهِ الشَّكُّ فَيَتَنَصَّفُ فَيَكُونُ لَهُ سَهْمَانِ وَنِصْفُ سَهْمٍ، وَلَزِمَ الْكَسْرُ النِّصْفِيُّ فَيُضَعَّفُ لِيَزُولَ الْكَسْرُ فَصَارَ الْحِسَابُ مِنْ اثْنَيْ عَشَرَ لِلْخُنْثَى خَمْسَةٌ وَلِلِابْنِ سَبْعَةٌ. وَفِي تَأْخِيرِ قَوْلِ مُحَمَّدٍ إشَارَةٌ مِنْ الْمُصَنِّفِ إلَى اخْتِيَارِهِ، وَذَلِكَ؛ لِأَنَّ الْكُلَّ مُتَّفِقُونَ عَلَى تَقْلِيلِ نَصِيبِهِ، وَمَا ذَهَبَ إلَيْهِ مُحَمَّدٌ أَقَلُّ مِمَّا ذَهَبَ إلَيْهِ أَبُو يُوسُفَ بِسَهْمٍ مِنْ أَرْبَعَةٍ وَثَمَانِينَ سَهْمًا. وَطَرِيقُ مَعْرِفَتِهِ أَنْ تُضْرَبَ السَّبْعَةُ فِي اثْنَيْ عَشَرَ حَيْثُ لَا مُوَافَقَةَ بَيْنَهُمَا يَبْلُغُ الْمَجْمُوعُ أَرْبَعَةً وَثَمَانِينَ، ثُمَّ اضْرِبْ حِصَّةَ مَنْ كَانَ لَهُ شَيْءٌ مِنْ السَّبْعَةِ فِي اثْنَيْ عَشَرَ وَحِصَّةُ الْخُنْثَى مِنْهُ ثَلَاثَةٌ فَاضْرِبْهُ فِي اثْنَيْ عَشَرَ يَبْلُغُ سِتَّةً وَثَلَاثِينَ، وَاضْرِبْ حِصَّةَ مَنْ كَانَ لَهُ شَيْءٌ مِنْ اثْنَيْ عَشَرَ فِي السَّبْعَةِ، وَلِلْخُنْثَى مِنْهُ خَمْسَةٌ فَاضْرِبْهُ فِي سَبْعَةٍ يَكُونُ خَمْسَةً وَثَلَاثِينَ، فَظَهَرَ أَنَّ التَّفَاوُتَ بِسَهْمٍ مِنْ أَرْبَعَةٍ وَثَمَانِينَ، كَذَا أَفَادَهُ الْإِمَامُ حُمَيْدُ الدِّينِ.
(وَلِأَبِي حَنِيفَةَ أَنَّ الْحَاجَةَ هَاهُنَا إلَى إثْبَاتِ الْمَالِ ابْتِدَاءً)؛ لِأَنَّهُ لَا بُدَّ مِنْ بَيَانِ سَبَبِ اسْتِحْقَاقِهِ بِالذُّكُورَةِ أَوْ الْأُنُوثَةِ، وَلَا شَيْءَ مِنْهُمَا بِمَعْلُومٍ، وَإِثْبَاتُ الْمَالِ ابْتِدَاءً بِدُونِ سَبَبٍ مُحَقَّقٍ غَيْرُ مَشْرُوعٍ فَلَا بُدَّ مِنْ الْبِنَاءِ عَلَى الْمُتَيَقَّنِ (وَالْأَقَلُّ وَهُوَ مِيرَاثُ الْأُنْثَى مُتَيَقَّنٌ بِهِ) فَأَوْجَبْنَاهُ كَمَا إذَا كَانَ إثْبَاتُهُ بِطَرِيقٍ آخَرَ فَإِنَّهُ يُؤْخَذُ بِالْمُتَيَقَّنِ بِهِ دُونَ الْمَشْكُوكِ إلَى أَنْ يَقُومَ الدَّلِيلُ عَلَى الزَّائِدِ، فَإِنَّ مَنْ قَالَ لِفُلَانٍ عَلَيَّ دَرَاهِمُ يُحْكَمُ لَهُ بِالثَّلَاثَةِ حَتَّى يَقُومَ الدَّلِيلُ عَلَى الزَّائِدِ؛ لِكَوْنِ الْأَوَّلِ مُتَيَقَّنًا بِهِ دُونَ الزِّيَادَةِ. لَا يُقَالُ: سَبَبُ اسْتِحْقَاقِ الْمِيرَاثِ هُوَ الْقَرَابَةُ وَهِيَ ثَابِتَةٌ بِيَقِينٍ فِي الْخُنْثَى، وَالْجَهَالَةُ وَقَعَتْ فِي الْقِسْمَةِ بَقَاءً فَلَا يَمْتَنِعُ الْوُجُوبُ؛ لِأَنَّا نَقُولُ: لَيْسَ الْكَلَامُ فِي اسْتِحْقَاقِ أَصْلِ الْمِيرَاثِ، وَإِنَّمَا
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute