للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

(وَإِنْ دَخَلَ مَعَهُ فِي فَائِتَةٍ لَمْ تُجْزِهِ)؛ لِأَنَّهُ لَا يَتَغَيَّرُ بَعْدَ الْوَقْتِ لِانْقِضَاءِ السَّبَبِ، كَمَا لَا يَتَغَيَّرُ بِنِيَّةِ الْإِقَامَةِ فَيَكُونُ اقْتِدَاءُ الْمُفْتَرِضِ بِالْمُتَنَفِّلِ فِي حَقِّ الْقَعَدَةِ أَوْ الْقِرَاءَةِ.

(وَإِنْ صَلَّى الْمُسَافِرُ بِالْمُقِيمِينَ رَكْعَتَيْنِ سَلَّمَ وَأَتَمَّ الْمُقِيمُونَ صَلَاتَهُمْ)

بِهِ فِي غَيْرِهِ لَمْ يَجُزْ لِعَدَمِ اتِّصَالِ الْمُغَيِّرِ كَمَا إذَا نَوَى الْإِقَامَةَ بَعْدَ الْوَقْتِ. وَإِنَّمَا قَالَ (وَإِنْ دَخَلَ مَعَهُ فِي فَائِتَةٍ) وَلَمْ يَقُلْ وَإِنْ اقْتَدَى بِهِ فِي غَيْرِ الْوَقْتِ لِئَلَّا يَرِدَ عَلَيْهِ مَا إذَا دَخَلَ مُسَافِرٌ فِي صَلَاةِ الْمُقِيمِ فِي الْوَقْتِ ثُمَّ ذَهَبَ الْوَقْتُ فَإِنَّهَا لَمْ تَفْسُدْ، وَقَدْ وُجِدَ الِاقْتِدَاءُ بَعْدَهُ لِأَنَّ الْإِتْمَامَ لَزِمَهُ بِالشُّرُوعِ مَعَ الْإِمَامِ فِي الْوَقْتِ فَالْتُحِقَ بِغَيْرِهِ مِنْ الْمُقِيمِينَ، وَاعْتُرِضَ بِأَنَّ الْمُتَابَعَةَ لَوْ اسْتَلْزَمَتْ الْإِتْمَامَ لَوَجَبَ عَلَى مُسَافِرٍ اقْتَدَى بِهِ مُقِيمٌ فَأَحْدَثَ الْمُسَافِرُ وَاسْتَخْلَفَ الْمُقِيمَ أَنْ يُتِمَّ صَلَاتَهُ أَرْبَعًا لِأَنَّهُ صَارَ مُتَابِعًا لِلْمُقِيمِ، وَلَيْسَ كَذَلِكَ فَإِنَّ فَرْضَهُ لَا يَتَغَيَّرُ.

وَأُجِيبَ بِأَنَّ الِاعْتِبَارَ فِي ذَلِكَ لِلِاقْتِدَاءِ وَالْمُسَافِرُ كَانَ فِيهِ مَتْبُوعًا لَا تَابِعًا. وَقَوْلُهُ (فَيَكُونُ اقْتِدَاءُ الْمُفْتَرِضِ) نَتِيجَةُ مَا قَبْلَهُ وَتَقْرِيرُهُ لِأَنَّهُ لَا يَتَغَيَّرُ بَعْدَ الْوَقْتِ، وَإِذَا لَمْ يَتَغَيَّرْ كَانَ اقْتِدَاؤُهُ عَقْدًا لَا يُفِيدُ مُوجِبُهُ لِاسْتِلْزَامِهِ أَحَدَ الْمَحْذُورَيْنِ لِأَنَّهُ إنْ سَلَّمَ عَلَى الرَّكْعَتَيْنِ كَانَ مُخَالِفًا لِإِمَامِهِ وَهُوَ مُفْسِدٌ، وَإِنْ أَتَمَّ أَرْبَعًا خَلَطَ النَّفَلَ بِالْمَكْتُوبَةِ قَصْدًا، وَالْقَعْدَةُ الْأُولَى فَرْضٌ فِي حَقِّهِ نَفْلٌ فِي حَقِّ الْإِمَامِ، وَكَذَلِكَ الْقِرَاءَةُ فِي الْأُخْرَيَيْنِ (فَيَكُونُ اقْتِدَاءُ الْمُفْتَرِضِ بِالْمُتَنَفِّلِ فِي حَقِّ الْقَعْدَةِ) إنْ اقْتَدَى بِهِ فِي أَوَّلِ الصَّلَاةِ (أَوْ الْقِرَاءَةِ) إنْ اقْتَدَى بِهِ فِي الشَّفْعِ الثَّانِي، وَكَلِمَةُ أَوْ لِعِنَادِ الْخُلُوِّ دُونَ مَانِعَةِ الْجَمْعِ لِجَوَازِ اجْتِمَاعِهِمَا، وَذَلِكَ أَيْضًا مُفْسِدٌ. وَاعْتُرِضَ بِوَجْهَيْنِ: أَحَدُهُمَا أَنَّ الْإِمَامَ لَوْ نَسِيَ الْقِرَاءَةَ فِي الشَّفْعِ الْأَوَّلِ وَقَضَاهَا فِي الشَّفْعِ الثَّانِي يَنْبَغِي أَنْ يَجُوزَ فِي هَذِهِ الصُّورَةِ اقْتِدَاءُ الْمُسَافِرِ بِالْمُقِيمِ وَإِنْ كَانَ بَعْدَ خُرُوجِ الْوَقْتِ، لِكَوْنِ الْقَعْدَةِ وَالْقِرَاءَةِ فَرْضَيْنِ عَلَى الْإِمَامِ أَيْضًا كَالْمُقْتَدِي وَالثَّانِي أَنَّ اقْتِدَاءَ الْمُتَنَفِّلِ بِالْمُفْتَرِضِ فِي الشَّفِيعِ الثَّانِي جَائِزٌ مَعَ أَنَّ الْقِرَاءَةَ عَلَى الْمُفْتَرِضِ نَفْلٌ، وَعَلَى الْمُتَنَفِّلِ فَرْضٌ فَكَانَ اقْتِدَاءَ الْمُفْتَرِض بِالْمُتَنَفِّلِ.

وَأُجِيبَ عَنْ الْأَوَّلِ بِأَنَّ الْقَضَاءَ يُلْتَحَقُ بِمَحَلِّ الْأَدَاءِ فَيَبْقَى الشَّفْعُ الثَّانِي خَالِيًا عَنْ الْقِرَاءَةِ فَكَانَ بِنَاءَ الْمَوْجُودِ عَلَى الْمَعْدُومِ وَذَلِكَ لَا يَجُوزُ. وَعَنْ الثَّانِي بِأَنَّ صَلَاةَ الْمُتَنَفِّلِ أَخَذَتْ حُكْمَ الْفَرْضِ تَبَعًا لِصَلَاةِ الْإِمَامِ، وَلِهَذَا لَوْ أَفْسَدَ الْمُتَنَفِّلُ صَلَاتَهُ بَعْدَ الِاقْتِدَاءِ وَجَبَ قَضَاؤُهَا أَرْبَعًا، وَإِنْ اقْتَدَى الْمُقِيمُونَ بِمُسَافِرٍ صَلَّى بِهِمْ رَكْعَتَيْنِ وَسَلَّمَ وَأَتَمَّ الْمُقِيمُونَ صَلَاتَهُمْ لِأَنَّ الْمُقْتَدِيَ الْتَزَمَ الْمُوَافَقَةَ فِي الرَّكْعَتَيْنِ، وَقَدْ أَدَّى مَا الْتَزَمَ وَلَمْ يُتِمَّ صَلَاتَهُ فَيَنْفَرِدُ فِي الْبَاقِي كَالْمَسْبُوقِ إلَّا أَنَّهُ لَا يَقْرَأُ فِي الْأَصَحِّ.

وَقَوْلُهُ فِي الْأَصَحِّ احْتِرَازٌ عَمَّا قَالَ بَعْضُ الْمَشَايِخِ مِنْ

<<  <  ج: ص:  >  >>