للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

لِأَنَّ الْمُقْتَدِيَ الْتَزَمَ الْمُوَافَقَةَ فِي الرَّكْعَتَيْنِ فَيَنْفَرِدُ فِي الْبَاقِي كَالْمَسْبُوقِ، إلَّا أَنَّهُ لَا يَقْرَأُ فِي الْأَصَحِّ؛ لِأَنَّهُ مُقْتَدٍ تَحْرِيمَةً لَا فِعْلًا وَالْفَرْضُ صَارَ مُؤَدًّى فَيَتْرُكُهَا احْتِيَاطًا، بِخِلَافِ الْمَسْبُوقِ؛ لِأَنَّهُ أَدْرَكَ قِرَاءَةً نَافِلَةً فَلَمْ يَتَأَدَّ الْفَرْضُ فَكَانَ الْإِتْيَانُ أَوْلَى، قَالَ: (وَيُسْتَحَبُّ لِلْإِمَامِ إذْ سَلَّمَ أَنْ يَقُولَ: أَتِمُّوا صَلَاتَكُمْ فَإِنَّا قَوْمٌ سَفْرٌ)؛ لِأَنَّهُ قَالَهُ حِينَ

وُجُوبِ الْقِرَاءَةِ فِيمَا يُتِمُّونَ لِأَنَّهُمْ مُنْفَرِدُونَ فِيهِ وَلِهَذَا يَلْزَمُهُمْ سُجُودُ السَّهْوِ إذَا سَهَوْا فِيهِ فَأَشْبَهُوا الْمَسْبُوقِينَ. وَوَجْهُ الْأَصَحِّ مَا ذُكِرَ فِي كِتَابٍ أَنَّهُ مُقْتَدٍ تَحْرِيمَةُ لَا فِعْلًا. يَعْنِي فِي الشَّفْعِ الثَّانِي، أَمَّا أَنَّهُ مُقْتَدٍ تَحْرِيمَهُ فَلِأَنَّهُ الْتَزَمَ الْأَدَاءَ مَعَهُ فِي أَوَّلِ التَّحْرِيمَةِ، وَأَمَّا أَنَّهُ لَيْسَ بِمُقْتَدٍ فِعْلًا فَلِأَنَّ فِعْلَ الْإِمَامِ قَدْ فَرَغَ بِالسَّلَامِ عَلَى رَأْسِ الرَّكْعَتَيْنِ، وَكُلُّ مَنْ كَانَ كَذَلِكَ فَهُوَ لَاحِقٌ، وَلَا قِرَاءَةَ عَلَى اللَّاحِقِ لِأَنَّهُ بِالنَّظَرِ إلَى كَوْنِهِ مُقْتَدِيًا تَحْرِيمَهُ حَرُمَ عَلَيْهِ الْقِرَاءَةُ. وَبِالنَّظَرِ إلَى كَوْنِهِ غَيْرَ مُقْتَدٍ فِعْلًا يُسْتَحَبُّ لَهُ الْقِرَاءَةُ لِأَنَّ فَرْضَ الْقِرَاءَةِ صَارَ مُؤَدِّيًا فَدَارَتْ قِرَاءَتُهُ بَيْنَ كَوْنِهِ حَرَامًا وَمُسْتَحَبًّا فَكَانَ الِاحْتِيَاطُ فِي التَّرْكِ تَرْجِيحًا لِلْمُحْرِمِ بِخِلَافِ الْمَسْبُوقِ لِأَنَّهُ أَدْرَكَ قِرَاءَةَ نَافِلَةٍ، يَعْنِي فِي الْأُخْرَيَيْنِ لِأَنَّ الْكَلَامَ فِيهِ، فَبِالنَّظَرِ إلَى كَوْنِهِ مُقْتَدِيًا كَانَتْ بِدْعَةً، وَبِالنَّظَرِ إلَى كَوْنِهِ مُنْفَرِدًا كَانَتْ فَرْضًا لِأَنَّهُ لَمْ يَتَأَدَّ فَرْضُ الْقِرَاءَةِ فَكَانَتْ عَلَيْهِ وَاجِبَةً. فَإِنْ قِيلَ: فَإِذَا كَانَتْ وَاجِبَةً كَيْفَ قَالَ فَكَانَ الْإِتْيَانُ أَوْلَى؟ أُجِيبَ بِأَنَّ الْأَوْلَوِيَّةَ لَا تُنَافِي الْوُجُوبَ لِأَنَّ الْمُرَادَ بِالْأَوْلَوِيَّةِ تَرْجِيحُ جَانِبِ الْوُجُودِ عَلَى التُّرْكِ وَهُوَ مَوْجُودٌ فِي الْوُجُوبِ وَزِيَادَةٌ وَفِيهِ مَا فِيهِ. وَقِيلَ ذَكَرَهُ بِمُقَابَلَةِ مَا ذُكِرَ مِنْ قِرَاءَةِ الْمُقِيمِينَ بَعْدَ فَرَاغِ إمَامِهِمْ الْمُسَافِرِ لَا بِالنَّظَرِ فِي نَفْسِهِ، وَقِيلَ ذَكَرَهُ فِي مُقَابَلَةِ قَوْلِهِ فَيَتْرُكُهَا احْتِيَاطًا وَمُرَادُهُ أَنَّ جَعْلَهُ مُنْفَرِدًا لِتَجِبَ عَلَيْهِ الْقِرَاءَةُ لَوْ تَرَكَهَا فَسَدَتْ صَلَاتُهُ أَوْلَى مِنْ جَعْلِهِ مُقْتَدِيًا وَفِيهِ نَظَرٌ لِأَنَّهُ يَجِبُ جَعْلُهُ مُنْفَرِدًا.

(وَيُسْتَحَبُّ لِلْإِمَامِ إذَا سَلَّمَ أَنْ يَقُولَ أَتِمُّوا صَلَاتَكُمْ فَإِنَّا قَوْمٌ سَفْرٌ) أَيْ مُسَافِرُونَ، وَهَذَا يَدُلُّ عَلَى أَنَّ الْعِلْمَ بِحَالِ الْإِمَامِ بِكَوْنِهِ مُقِيمًا أَوْ مُسَافِرًا لَيْسَ بِشَرْطٍ لِأَنَّهُمْ إنْ عَلِمُوا أَنَّهُ مُسَافِرٌ فَقَوْلُهُ هَذَا عَبَثٌ، وَإِنْ عَلِمُوا أَنَّهُ مُقِيمٌ كَانَ كَاذِبًا فَدَلَّ عَلَى أَنَّ الْمُرَادَ بِهِ إذَا لَمْ يَعْلَمُوا، وَهُوَ مُخَالِفٌ لِمَا ذُكِرَ فِي فَتَاوَى قَاضِي خَانْ وَغَيْرِهِ أَنَّ مَنْ اقْتَدَى بِإِمَامٍ لَا يَدْرِي أَنَّهُ مُقِيمٌ أَوْ مُسَافِرٌ لَا يَصِحُّ اقْتِدَاؤُهُ.

وَالتَّوْفِيقُ بَيْنَهُمَا مَا قِيلَ إنَّ ذَلِكَ مَحْمُولٌ عَلَى مَا إذَا بَنَوْا أَمْرَ الْإِمَامِ عَلَى ظَاهِرِ حَالِ الْإِقَامَةِ، وَالْحَالُ أَنَّهُ لَيْسَ بِمُقِيمٍ وَسَلَّمَ عَلَى رَأْسِ الرَّكْعَتَيْنِ وَتَفَرَّقُوا عَلَى ذَلِكَ لِاعْتِقَادِهِمْ فَسَادَ

<<  <  ج: ص:  >  >>