للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

(وَتَجُوزُ بِمِنًى إذَا كَانَ الْأَمِيرُ أَمِيرَ الْحِجَازِ، أَوْ كَانَ مُسَافِرًا عِنْدَهُمَا. وَقَدْ قَالَ مُحَمَّدٌ: لَا جُمُعَةَ بِمِنًى)؛ لِأَنَّهَا مِنْ الْقُرَى

حِينَ فَتَحُوا الْأَمْصَارَ وَالْقُرَى مَا اشْتَغَلُوا بِنَصْبِ الْمَنَابِرِ وَبِنَاءِ الْجَوَامِعِ إلَّا فِي الْأَمْصَارِ وَالْمُدُنِ، وَذَلِكَ اتِّفَاقٌ مِنْهُمْ عَلَى أَنَّ الْمِصْرَ مِنْ شَرَائِطِ الْجُمُعَةِ، وَالْآيَةُ لَيْسَتْ بِحُجَّةٍ لَهُ لِأَنَّ الْمَكَانَ مُضْمَرٌ فِيهِ بِالْإِجْمَاعِ حَتَّى لَا تَجُوزَ إقَامَةُ الْجُمُعَةِ فِي الْبَوَادِي بِالْإِجْمَاعِ، فَنَحْنُ نُضْمِرُ الْمِصْرَ وَهُوَ يُضْمِرُ الْقَرْيَةَ، وَجُوَاثَا مِصْرٌ بِالْبَحْرَيْنِ، وَتَسْمِيَةُ الرَّاوِي قَرْيَةً لَا يَنْفِي مَا ذَكَرْنَا لِأَنَّ اسْمَ الْقَرْيَةِ يُطْلَقُ عَلَى الْبَلْدَةِ

وَقَوْلُهُ (وَتَجُوزُ) يَعْنِي إقَامَةَ الْجُمُعَةِ (بِمِنًى إنْ كَانَ الْإِمَامُ أَمِيرَ الْحِجَازِ أَوْ كَانَ الْخَلِيفَةُ مُسَافِرًا) وَإِنَّمَا قَيَّدَ بِكَوْنِهِ مُسَافِرًا لِأَحَدِ أَمْرَيْنِ: إمَّا لِلتَّنْبِيهِ عَلَى أَنَّهُ إذَا كَانَ مُقِيمًا كَانَ بِالْجَوَازِ أَوْلَى. وَإِمَّا لِنَفْيِ تَوَهُّمِ أَنَّ الْخَلِيفَةَ كَانَ مُسَافِرًا لَا يُقِيمُ الْجُمُعَةَ، كَمَا إذَا كَانَ أَمِيرُ الْمَوْسِمِ مُسَافِرًا. وَفِيهِ إشَارَةٌ إلَى أَنَّ الْخَلِيفَةَ أَوْ السُّلْطَانَ إذَا طَافَ فِي وِلَايَتِهِ كَانَ عَلَيْهِ الْجُمُعَةُ فِي كُلِّ مِصْرٍ يَكُونُ فِيهِ يَوْمُ الْجُمُعَةِ لِأَنَّ إمَامَةَ غَيْرِهِ إنَّمَا تَجُوزُ بِأَمْرِهِ، فَإِمَامَتُهُ أَوْلَى وَإِنْ كَانَ مُسَافِرًا، وَقَوْلُهُ (لِأَنَّهَا) يَعْنِي مِنًى عَلَى تَأْوِيلِ الْقَرْيَةِ، وَيَجُوزُ أَنْ يَكُونَ التَّأْنِيثُ بِاعْتِبَارِ الْخَبَرِ لِأَنَّ تَقْدِيرَهُ لِأَنَّهَا قَرْيَةٌ (مِنْ الْقُرَى) يَعْنِي أَنَّهَا لَيْسَتْ بِمِصْرٍ وَلَا مِنْ فِنَائِهِ لِزِيَادَتِهِ عَلَى الْغَلْوَةِ

<<  <  ج: ص:  >  >>