للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

وَلَهُ أَنَّ السَّيْفَ كَفَى عَنْ الْغُسْلِ فِي حَقِّ شُهَدَاءِ أُحُدٍ بِوَصْفِ كَوْنِهِ طُهْرَةً، وَلَا ذَنْبَ عَلَى الصَّبِيِّ فَلَمْ يَكُنْ فِي مَعْنَاهُمْ

(وَلَا يُغْسَلُ عَنْ الشَّهِيدِ دَمُهُ، وَلَا يُنْزَعُ عَنْهُ ثِيَابُهُ) لِمَا رَوَيْنَا (وَيُنْزَعُ عَنْهُ الْفَرْوُ وَالْحَشْوُ وَالْقَلَنْسُوَةُ وَالسِّلَاحُ وَالْخُفُّ) لِأَنَّهَا لَيْسَتْ مِنْ جِنْسِ الْكَفَنِ (وَيَزِيدُونَ وَيُنْقِصُونَ مَا شَاءُوا) إتْمَامًا لِلْكَفَنِ

قَالَ (وَمَنْ اُرْتُثَّ غُسِّلَ) وَهُوَ مَنْ صَارَ خَلْفًا فِي حُكْمِ الشَّهَادَةِ لِنَيْلِ مَرَافِقِ الْحَيَاةِ لِأَنَّ بِذَلِكَ يَخِفُّ أَثَرُ الظُّلْمِ فَلَمْ يَكُنْ فِي مَعْنَى شُهَدَاءِ أُحُدٍ (وَالِارْتِثَاثُ: أَنْ يَأْكُلَ أَوْ يَشْرَبَ أَوْ يَنَامَ أَوْ يُدَاوَى أَوْ يُنْقَلَ مِنْ الْمَعْرَكَةِ حَيًّا) لِأَنَّهُ نَالَ بَعْضَ مَرَافِقِ الْحَيَاةِ. وَشُهَدَاءُ أُحُدٍ مَاتُوا عَطَاشَى وَالْكَأْسُ تُدَارُ عَلَيْهِمْ فَلَمْ يَقْبَلُوا خَوْفًا مِنْ نُقْصَانِ الشَّهَادَةِ، إلَّا إذَا حُمِلَ مِنْ مَصْرَعِهِ كَيْ لَا تَطَأَهُ الْخُيُولُ، لِأَنَّهُ مَا نَالَ شَيْئًا مِنْ الرَّاحَةِ، وَلَوْ آوَاهُ فُسْطَاطٌ أَوْ خَيْمَةٌ كَانَ مُرْتَثًّا لِمَا بَيَّنَّا (وَلَوْ بَقِيَ حَيًّا حَتَّى مَضَى وَقْتُ صَلَاةٍ وَهُوَ يَعْقِلُ فَهُوَ

لَا بَقَاءَ أَثَرِ مَظْلُومِيَّتِهِ فِي الْقَتْلِ فَكَانَ إكْرَامًا لَهُ، والمظلومية فِي حَقِّ الصَّبِيِّ أَشَدُّ فَكَانَ أَوْلَى بِهَذِهِ الْكَرَامَةِ (وَلِأَبِي حَنِيفَةَ أَنَّ السَّيْفَ كَفَى عَنْ الْغُسْلِ فِي حَقِّ شُهَدَاءِ أُحُدٍ بِوَصْفِ كَوْنِهِ طَهَّرَهُ) عَنْ الذَّنْبِ (وَلَا ذَنْبَ لِلصَّبِيِّ فَلَا يَكُونُ فِي مَعْنَاهُمْ) وَمَنْ لَمْ يَكُنْ فِي مَعْنَاهُمْ غُسِّلَ.

وَقَوْلُهُ (وَلَا يُغَسَّلُ عَنْ الشَّهِيدِ دَمُهُ) ظَاهِرٌ وَقَوْلُهُ (وَيُنْزَعُ عَنْهُ الْفَرْوُ إلَخْ) مَذْهَبُنَا وَقَالَ الشَّافِعِيُّ لَا يُنْزَعُ عَنْهُ شَيْءٌ وَاحْتَجَّ بِإِطْلَاقِ قَوْلِهِ " زَمِّلُوهُمْ " مِنْ غَيْرِ فَصْلٍ وَلَنَا مَا رَوَيْنَا فِي السُّنَنِ عَنْ ابْنِ عَبَّاسٍ قَالَ «أَمَرَ رَسُولُ اللَّهِ بِقَتْلَى أُحُدٍ أَنْ يُنْزَعَ عَنْهُمْ الْحَدِيدُ وَالْجُلُودُ وَأَنْ يُدْفَنُوا بِدِمَائِهِمْ وَثِيَابِهِمْ» وَإِذَا تَعَارَضَا صِرْنَا إلَى الْقِيَاسِ وَهُوَ عَلَى مَا ذُكِرَ فِي الْكِتَابِ (قَوْلُهُ وَيَزِيدُونَ وَيَنْقُصُونَ مَا شَاءُوا) أَيْ يَزِيدُونَ مَا شَاءُوا إذَا كَانَ نَاقِصًا عَنْ الْعَدَدِ الْمَسْنُونِ وَيَنْقُصُونَ مَا شَاءُوا يَعْنِي إذَا كَانَ زَائِدًا عَلَى الْعَدَدِ الْمَسْنُونِ.

وَقَوْلُهُ (وَمَنْ اُرْتُثَّ) هُوَ مِنْ قَوْلِك ثَوْبٌ رَثٌّ أَيْ خَلَقٌ وَكَلَامُهُ ظَاهِرٌ

<<  <  ج: ص:  >  >>