مُرْتَثٌّ) لِأَنَّ تِلْكَ الصَّلَاةَ صَارَتْ دَيْنًا فِي ذِمَّتِهِ وَهُوَ مِنْ أَحْكَامِ الْأَحْيَاءِ. قَالَ: وَهَذَا مَرْوِيٌّ عَنْ أَبِي يُوسُفَ، وَلَوْ أَوْصَى بِشَيْءٍ مِنْ أُمُورِ الْآخِرَةِ كَانَ ارْتِثَاثًا عِنْدَ أَبِي يُوسُفَ لِأَنَّهُ ارْتِفَاقٌ. وَعِنْدَ مُحَمَّدٍ لَا يَكُونُ لِأَنَّهُ مِنْ أَحْكَامِ الْأَمْوَاتِ
(وَمَنْ وُجِدَ قَتِيلًا فِي الْمِصْرِ غُسِّلَ) لِأَنَّ الْوَاجِبَ فِيهِ الْقَسَامَةُ وَالدِّيَةُ فَخَفَّ أَثَرُ الظُّلْمِ (إلَّا إذَا عُلِمَ أَنَّهُ قُتِلَ بِحَدِيدَةٍ ظُلْمًا) لِأَنَّ الْوَاجِبَ فِيهِ الْقِصَاصُ وَهُوَ عُقُوبَةٌ وَالْقَاتِلُ لَا يَتَخَلَّصُ عَنْهَا ظَاهِرًا، إمَّا فِي الدُّنْيَا أَوْ الْعُقْبَى. وَعِنْدَ أَبِي يُوسُفَ وَمُحَمَّدٍ رَحِمَهُمَا اللَّهُ: مَا لَا يَلْبَثُ بِمَنْزِلَةِ السَّيْفِ وَيُعْرَفُ فِي الْجِنَايَاتِ إنْ شَاءَ اللَّهُ تَعَالَى
وَقَوْلُهُ (وَلَوْ أَوْصَى بِشَيْءٍ مِنْ أُمُورِ الْآخِرَةِ) إنَّمَا قَيَّدَ بِأُمُورِ الْآخِرَةِ لِأَنَّهُ إذَا أَوْصَى بِشَيْءٍ مِنْ أُمُورِ الدُّنْيَا يُغَسَّلُ بِالِاتِّفَاقِ.
وَقَوْلُهُ (إلَّا إذَا عَلِمَ أَنَّهُ قُتِلَ بِحَدِيدَةٍ ظُلْمًا) أَيْ حِينَئِذٍ لَا يُغَسَّلُ قِيلَ هَذَا إذَا عُلِمَ قَاتِلُهُ عَيْنًا. وَأَمَّا إذَا عُلِمَ أَنَّهُ قُتِلَ بِحَدِيدَةٍ ظُلْمًا وَلَكِنْ لَمْ يُعْلَمْ قَاتِلُهُ يُغَسَّلُ لِمَا أَنَّ الْوَاجِبَ هُنَاكَ الدِّيَةُ وَالْقَسَامَةُ عَلَى أَهْلِ الْمَحَلَّةِ، وَلَفْظُ الْكِتَابِ يُشِيرُ إلَى هَذَا لِأَنَّهُ قَالَ (لِأَنَّ الْوَاجِبَ فِيهِ الْقِصَاصُ) لَا قِصَاصَ يَجِبُ إلَّا عَلَى الْقَاتِلِ الْمَعْلُومِ (وَهُوَ) أَيْ الْقِصَاصُ (عُقُوبَةٌ وَالْقَاتِلُ لَا يَتَخَلَّصُ عَنْ الْعُقُوبَةِ ظَاهِرًا) أَمَّا فِي الدُّنْيَا إنْ وَقَعَ الِاسْتِيفَاءُ أَوْ فِي الْعُقْبَى إنْ لَمْ يُسْتَوْفَ، فَلَوْ كَانَ وُجُوبُ الْقِصَاصِ مَانِعًا عَنْ الشَّهَادَةِ لَا نَسُدُّ بَابَهَا وَهُوَ بَاطِلٌ، فَإِنْ قِيلَ مَنْ وَجَبَ بِقَتْلِهِ الْقِصَاصُ لَيْسَ فِي مَعْنَى شُهَدَاءِ أُحُدٍ إذْ لَمْ يَجِبْ بِقَتْلِهِمْ شَيْءٌ، وَمَنْ لَيْسَ فِي مَعْنَاهُمْ يُغَسَّلُ. أُجِيبَ بِأَنَّ فَائِدَةَ الْقِصَاصِ تَرْجِعُ إلَى وَلِيِّ الْقَتِيلِ وَسَائِرِ النَّاسِ دُونَ الْقَتِيلِ فَلَمْ يَحْصُلْ لَهُ بِالْقَتْلِ شَيْءٌ كَمَا لَمْ يَحْصُلْ لِشُهَدَاءِ أُحُدٍ، بِخِلَافِ الدِّيَةِ فَإِنَّ نَفْعَهَا يَعُودُ إلَى الْمَيِّتِ حَتَّى تُقْضَى دُيُونُهُ وَتَنْفُذَ وَصَايَاهُ. وَقَوْلُهُ (وَعِنْدَ أَبِي يُوسُفَ وَمُحَمَّدٍ مَا لَا يَلْبَثُ بِمَنْزِلَةِ السَّيْفِ) يَعْنِي لَا يُشْتَرَطُ فِي قَتِيلٍ وُجِدَ فِي الْمِصْرِ أَنْ يُقْتَلَ بِحَدِيدَةٍ عِنْدَهُمَا، بَلْ الْمُثْقَلُ مِنْ الْحَجَرِ وَالْخَشَبِ مِثْلُ السَّيْفِ عِنْدَهُمَا حَتَّى لَا يُغَسَّلُ الْقَتِيلُ ظُلْمًا فِي الْمِصْرِ إذْ عُرِفَ قَاتِلُهُ وَعُلِمَ أَنَّهُ قَتَلَهُ بِالْمُثْقَلِ لِوُجُوبِ الْقِصَاصِ عِنْدَهُمَا. وَعِنْدَ أَبِي حَنِيفَةَ لَا يَجِبُ الْقِصَاصُ
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute