وَدَلِيلُهُ الْإِسَامَةُ أَوْ الْإِعْدَادُ لِلتِّجَارَةِ وَلَمْ يُوجَدْ، وَلِأَنَّ فِي الْعَلُوفَةِ تَتَرَاكَمُ الْمُؤْنَةُ فَيَنْعَدِمُ النَّمَاءُ مَعْنًى. ثُمَّ السَّائِمَةُ هِيَ الَّتِي تَكْتَفِي بِالرَّعْيِ فِي أَكْثَرِ الْحَوْلِ حَتَّى لَوْ عَلَفَهَا نِصْفَ الْحَوْلِ أَوْ أَكْثَرَ كَانَتْ عَلُوفَةً لِأَنَّ الْقَلِيلَ تَابِعٌ لِلْأَكْثَرِ.
وَقَوْلُهُ (وَلِأَنَّ فِي الْعَلُوفَةِ) أَيْ وَلِأَنَّ السَّبَبَ هُوَ الْمَالُ النَّامِي، وَلَا نَمَاءَ فِي هَذِهِ الْأَمْوَالِ لِأَنَّ الْمُؤْنَةَ تَتَرَاكَمُ فِيهَا فَيَنْعَدِمُ النَّمَاءُ مَعْنًى. وَفِيهِ بَحْثٌ مِنْ وَجْهَيْنِ: أَحَدُهُمَا أَنَّكُمْ أَبْطَلْتُمْ إطْلَاقَ الْكِتَابِ بِخَبَرِ الْوَاحِدِ وَهُوَ لَا يَجُوزُ عِنْدَكُمْ لِكَوْنِهِ نَسْخًا وَحَمَلْتُمْ الْمُطْلَقَ فِي الْأَخْبَارِ عَلَى الْمُقَيَّدِ وَهُوَ أَيْضًا لَا يَجُوزُ عِنْدَكُمْ. وَالثَّانِي أَنَّ دَلِيلَ النَّمَاءِ الْإِسَامَةُ أَوْ الْإِعْدَادُ لِلتِّجَارَةِ كَمَا ذَكَرْتُمْ، وَتَرَاكُمُ الْمُؤْنَةِ لَا يُبْطِلُ النَّمَاءَ بِالْإِعْدَادِ لِلتِّجَارَةِ، فَإِنَّ مَنْ اشْتَرَى خَمْسًا مِنْ الْإِبِلِ بِنِيَّةِ التِّجَارَةِ وَعَلَفَهَا جَمِيعَ السَّنَةِ وَجَبَتْ عَلَيْهِ الزَّكَاةُ فِي آخِرِ السَّنَةِ فَمَا بَالُهُ أَبْطَلَ النَّمَاءَ بِالْإِسَامَةِ؟ وَالْجَوَابُ عَنْ الْأَوَّلِ أَنَّ الْإِطْلَاقَ لَيْسَ عَلَى ظَاهِرِهِ بِالْإِجْمَاعِ، أَلَا تَرَى أَنَّهُ مُطْلَقٌ عَنْ حَوَلَانِ الْحَوْلِ وَلَا يَجِبُ إلَّا بِهِ فَكَانَتْ الْآيَةُ لِبَيَانِ وُجُوبِ الْأَخْذِ وَهِيَ فِيمَا عَدَاهُ مُجْمَلٌ لَحِقَ الْأَخْبَارَ بَيَانًا لِذَلِكَ، وَلَمْ يُحْمَلْ الْمُطْلَقُ عَلَى الْمُقَيَّدِ وَإِنَّمَا جَعَلْنَا الْمُقَيَّدَ مُتَأَخِّرًا لِئَلَّا يَلْزَمَ النُّسَخُ مَرَّتَيْنِ، فَإِنَّ الْأَصْلَ فِيهِ هُوَ الْإِطْلَاقُ لِكَوْنِهِ عَدَمًا، فَلَوْ قَدَّمْنَا الْمُقَيَّدَ نَسَخَ الْإِطْلَاقَ، ثُمَّ الْمُطْلَقُ يَنْسَخُهُ فَعَكَسْنَاهُ دَفْعًا لِذَلِكَ. وَعَنْ الثَّانِي بِأَنَّ الْإِسَامَةَ وَالْعَلَفَ مُتَضَادَّانِ، فَإِذَا وُجِدَ الْعَلَفُ انْتَفَى الْإِسَامَةُ وَلَا كَذَلِكَ التِّجَارَةُ (ثُمَّ السَّائِمَةُ هِيَ الَّتِي تَكْتَفِي بِالرَّعْيِ فِي أَكْثَرِ الْحَوْلِ حَتَّى لَوْ عَلَفَهَا نِصْفَ الْحَوْلِ أَوْ أَكْثَرَ كَانَتْ عَلُوفَةً) أَمَّا فِي الْأَكْثَرِ فَلِأَنَّ الْقَلِيلَ تَابِعٌ لِلْأَكْثَرِ لِأَنَّ أَصْحَابَ السَّوَائِمِ لَا يَجِدُونَ بُدًّا مِنْ أَنْ يَعْلِفُوا سَوَائِمَهُمْ فِي وَقْتٍ كَبَرْدٍ وَثَلْجٍ كَمَا فِي الْبِلَادِ الْبَارِدَةِ، وَأَمَّا فِي النِّصْفِ
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute