للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

(وَلَا يَأْخُذُ الْمُصَدِّقُ خِيَارَ الْمَالِ وَلَا رَذَالَتَهُ وَيَأْخُذُ الْوَسَطَ) لِقَوْلِهِ «لَا تَأْخُذُوا مِنْ حَزَرَاتِ أَمْوَالِ النَّاسِ» أَيْ كَرَائِمَهَا «وَخُذُوا مِنْ حَوَاشِي أَمْوَالِهِمْ» أَيْ أَوْسَاطَهَا وَلِأَنَّ فِيهِ نَظَرًا مِنْ الْجَانِبَيْنِ.

قَالَ (وَمَنْ كَانَ لَهُ نِصَابٌ فَاسْتَفَادَ فِي أَثْنَاءِ الْحَوْلِ مِنْ جِنْسِهِ ضَمَّهُ إلَيْهِ وَزَكَّاهُ بِهِ) وَقَالَ الشَّافِعِيُّ: لَا يَضُمُّ لِأَنَّهُ أَصْلٌ فِي حَقِّ

فَلِأَنَّهُ وَقَعَ الشَّكُّ فِي ثُبُوتِ سَبَبِ الْإِيجَابِ فَلَا تَجِبُ، فَلَا تُرَجَّحُ جِهَةُ الْوُجُوبِ بِجِهَةِ الْعِبَادَةِ لِأَنَّ التَّرْجِيحَ إنَّمَا يَكُونُ بَعْدَ ثُبُوتِ السَّبَبِ. قَالَ فِي النِّهَايَةِ: ثُمَّ هَذَا الَّذِي ذَكَرَهُ مِنْ الْإِسَامَةِ فِي حَقِّ إيجَابِ زَكَاةِ السَّوَائِمِ إنَّمَا يَصِحُّ أَنْ لَوْ كَانَتْ الْإِسَامَةُ لِلدَّرِّ وَالنَّسْلِ وَالتَّسْمِينِ، وَأَمَّا الْإِسَامَةُ لِلتِّجَارَةِ فَلَا يَجِبُ فِيهَا زَكَاةُ السَّائِمَةِ، وَكَذَلِكَ فِي الْإِسَامَةِ لِلْحَمْلِ وَالرُّكُوبِ.

وَقَوْلُهُ (وَلَا يَأْخُذُ الْمُصَدِّقُ خِيَارَ الْمَالِ) ظَاهِرٌ. وَقَوْلُهُ (مِنْ حَزَرَاتِ أَمْوَالِ النَّاسِ) الْحَزَرَاتُ بِالْحَاءِ الْمُهْمَلَةِ وَالزَّايِ الْمُعْجَمَةِ وَالْفَتَحَاتِ جَمْعُ حَزَرَةٍ بِالتَّحْرِيكِ وَهُوَ خِيَارُ الْمَالِ، وَالْحَاشِيَةُ صِغَارُ الْإِبِلِ لَا كِبَارَ فِيهَا. وَذَكَرَ فِي الْمُغْرِبِ: خُذْ مِنْ حَوَاشِي أَمْوَالِهِمْ: أَيْ مِنْ عُرْضِهَا: يَعْنِي مِنْ جَانِبٍ مِنْ جَوَانِبِهَا مِنْ غَيْرِ اخْتِيَارٍ، وَهِيَ فِي الْأَصْلِ جَمْعُ حَاشِيَةِ الثَّوْبِ وَغَيْرِهِ لِجَانِبِهِ، وَتَفْسِيرُ الْمُصَنِّفِ بِقَوْلِهِ أَيْ أَوْسَاطُهَا غَيْرُ ذَلِكَ، وَهُوَ الْحَقُّ لِقَوْلِهِ وَلِأَنَّ فِيهِ نَظَرًا مِنْ الْجَانِبَيْنِ.

قَالَ (وَمَنْ كَانَ لَهُ نِصَابٌ) الْمُسْتَفَادُ عَلَى ضَرْبَيْنِ مِنْ جِنْسِ الْأَصْلِ وَمِنْ خِلَافِ جِنْسِهِ، وَالثَّانِي لَا يُضَمُّ بِالِاتِّفَاقِ كَمَا إذَا كَانَ لَهُ إبِلٌ فَاسْتَفَادَ فِي أَثْنَاءِ الْحَوْلِ بَقَرًا أَوْ غَنَمًا وَإِنَّمَا يُسْتَأْنَفُ لَهُ حَوْلٌ بِذَاتِهِ، وَالْأَوَّلُ لَا يَخْلُو إمَّا أَنْ يَكُونَ حَاصِلًا بِسَبَبِ الْأَصْلِ كَالْأَوْلَادِ وَالْأَرْبَاحِ أَوْ بِسَبَبٍ مَقْصُودٍ، فَإِنْ كَانَ الْأَوَّلُ يُضَمُّ بِالْإِجْمَاعِ، وَإِنْ كَانَ الثَّانِيَ مِثْلَ أَنْ يَكُونَ عِنْدَ رَجُلٍ مِقْدَارُ مَا تَجِبُ فِيهِ الزَّكَاةُ مِنْ سَائِمَةٍ فَاسْتَفَادَ مِنْ ذَلِكَ الْجِنْسِ فِي خِلَالِ الْحَوْلِ بِشِرَاءٍ أَوْ هِبَةٍ أَوْ مِيرَاثٍ ضَمَّهَا وَزَكَّى كُلَّهَا عِنْدَ تَمَّامِ الْحَوْلِ عِنْدَنَا.

وَقَالَ الشَّافِعِيُّ: يُسْتَأْنَفُ لَهُ

<<  <  ج: ص:  >  >>