فَإِنَّهُ ﵊ قَالَ فِيهِ «يَا يَزِيدُ لَكَ مَا نَوَيْتَ، وَيَا مَعْنُ لَكَ مَا أَخَذْتَ» وَقَدْ دَفَعَ إلَيْهِ وَكِيلُ أَبِيهِ صَدَقَتَهُ؛ وَلِأَنَّ الْوُقُوفَ عَلَى هَذِهِ الْأَشْيَاءِ بِالِاجْتِهَادِ دُونَ الْقَطْعِ فَيَبْتَنِي الْأَمْرُ فِيهَا عَلَى مَا يَقَعُ عِنْدَهُ كَمَا إذَا اشْتَبَهَتْ عَلَيْهِ الْقِبْلَةُ، وَعَنْ أَبِي حَنِيفَةَ ﵀ فِي غَيْرِ الْغَنِيِّ أَنَّهُ لَا يَجْزِيهِ، وَالظَّاهِرُ هُوَ الْأَوَّلُ. وَهَذِهِ إذَا تَحَرَّى فَدَفَعَ وَفِي أَكْبَرِ رَأْيِهِ أَنَّهُ مَصْرِفٌ، أَمَّا إذَا شَكَّ وَلَمْ يَتَحَرَّ أَوْ تَحَرَّى فَدَفَعَ، وَفِي أَكْبَرِ رَأْيِهِ أَنَّهُ لَيْسَ بِمَصْرِفٍ لَا يَجْزِيهِ إلَّا إذَا
فَقَالَ ﵊ يَا يَزِيدُ لَك مَا نَوَيْت وَيَا مَعْنُ لَك مَا أَخَذْت» وَجَوَّزَ ذَلِكَ وَلَمْ يَسْتَفْسِرْ أَنَّ الصَّدَقَةَ كَانَتْ فَرِيضَةً أَوْ تَطَوُّعًا، وَذَلِكَ يَدُلُّ عَلَى أَنَّ الْحَالَ لَا تَخْتَلِفُ، أَوْ لِأَنَّ مُطْلَقَ الصَّدَقَةِ يَنْصَرِفُ إلَى الْفَرِيضَةِ.
وَقَوْلُهُ (وَلِأَنَّ الْوُقُوفَ عَلَى هَذِهِ الْأَشْيَاءِ بِالِاجْتِهَادِ) دَلِيلٌ يَتَضَمَّنُ الْجَوَابَ عَنْ قَوْلِهِ وَإِمْكَانُ الْوُقُوفِ عَلَى هَذِهِ الْأَشْيَاءِ: يَعْنِي سَلَّمْنَا أَنَّ الْوُقُوفَ عَلَى هَذِهِ الْأَشْيَاءِ مُمْكِنٌ لَكِنَّهُ بِالِاجْتِهَادِ دُونَ الْقَطْعِ، وَمَا كَانَ كَذَلِكَ يَنْبَنِي الْأَمْرُ فِيهِ عَلَى مَا يَقَعُ عِنْدَهُ. كَمَا إذَا اشْتَبَهَتْ عَلَيْهِ الْقِبْلَةُ، فَإِذَا وَقَعَ عِنْدَهُ أَنَّهُ مَصْرِفٌ صَحَّ الْأَدَاءُ لِئَلَّا يَلْزَمَ تَكْلِيفُ مَا لَيْسَ فِي الْوُسْعِ (وَعَنْ أَبِي حَنِيفَةَ فِي غَيْرِ الْغَنِيِّ) أَيْ فِيمَا إذَا ظَهَرَ أَنَّهُ هَاشِمِيٌّ أَوْ كَافِرٌ أَوْ أَنَّهُ أَبُوهُ أَوْ ابْنُهُ (لَا يُجْزِيهِ وَالظَّاهِرُ هُوَ الْأَوَّلُ) يَعْنِي الْإِجْزَاءَ فِي الْكُلِّ.
وَقَوْلُهُ (وَهَذَا) أَيْ عَدَمُ الْإِعَادَةِ (إذَا تَحَرَّى) حَاصِلُ هَذِهِ الْمَسْأَلَةِ عَلَى أَرْبَعَةِ أَوْجُهٍ: إمَّا أَنْ يَدْفَعَ زَكَاةَ مَالِهِ رَجُلًا بِلَا شَكٍّ وَلَا تَحَرٍّ أَوْ شَكَّ فِي أَمْرِهِ، فَالْأَوَّلُ يُجْزِيهِ مَا لَمْ يَتَبَيَّنْ أَنَّهُ غَنِيٌّ لِأَنَّ الْفَقِيرَ فِي الْقَابِضِ أَصْلٌ. وَالثَّانِي إمَّا أَنْ يَتَحَرَّى أَوَّلًا، فَإِنْ لَمْ يَتَحَرَّ لَمْ يُجْزِهِ حَتَّى يَعْلَمَ أَنَّهُ فَقِيرٌ لِأَنَّهُ لَمَّا شَكَّ وَجَبَ عَلَيْهِ التَّحَرِّي كَمَا فِي الصَّلَاةِ، فَإِذَا تَرَكَ بَعْدَمَا لَزِمَهُ لَمْ يَقَعْ الْمُؤَدَّى مَوْقِعَ الْجَوَازِ إلَّا إذَا ظَهَرَ أَنَّهُ فَقِيرٌ لِأَنَّ
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute