للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وَالْبُرُّ يَتَقَارَبَانِ فِي الْمَعْنَى لِأَنَّهُ يُؤْكَلُ كُلُّ وَاحِدٍ مِنْهُمَا كُلُّهُ، بِخِلَافِ الشَّعِيرِ وَالتَّمْرِ لِأَنَّ كُلَّ وَاحِدٍ مِنْهُمَا يُؤْكَلُ وَيُلْقَى مِنْ التَّمْرِ النَّوَاةُ وَمِنْ الشَّعِيرِ النُّخَالَةُ، وَبِهَذَا ظَهَرَ التَّفَاوُتُ بَيْنَ الْبُرِّ وَالتَّمْرِ، وَمُرَادُهُ مِنْ الدَّقِيقِ وَالسَّوِيقِ مَا يُتَّخَذُ مِنْ الْبُرِّ، أَمَّا دَقِيقُ الشَّعِيرِ فَكَالشَّعِيرِ، الْأَوْلَى أَنْ يُرَاعَى فِيهِمَا الْقَدْرُ وَالْقِيمَةُ احْتِيَاطًا، وَإِنْ نَصَّ عَلَى الدَّقِيقِ فِي بَعْضِ الْأَخْبَارِ، وَلَمْ يُبَيِّنْ ذَلِكَ فِي الْكِتَابِ اعْتِبَارًا لِلْغَالِبِ.

وَالْخُبْزُ تُعْتَبَرُ فِيهِ الْقِيمَةُ هُوَ الصَّحِيحُ،

مِنْ حَيْثُ إنَّهُ حُلْوٌ مَأْكُولٌ وَلَهُ عَجَمٌ كَمَا لِلتَّمْرِ نَوًى.

وَقَوْلُهُ (وَمُرَادُهُ) أَيْ مُرَادُ مُحَمَّدٍ أَوْ صَاحِبِ الْقُدُورِيِّ مِنْ قَوْلِهِ: أَوْ دَقِيقٍ أَوْ سَوِيقٍ (مَا يُتَّخَذُ مِنْ الْبُرِّ أَمَّا دَقِيقُ الشَّعِيرِ) فَكَعَيْنِهِ (وَالْأَوْلَى أَنْ يُرَاعَى فِيهِمَا) أَيْ فِي الدَّقِيقِ وَالسَّوِيقِ (الْقَدْرُ وَالْقِيمَةُ احْتِيَاطًا) حَتَّى إذَا كَانَا مَنْصُوصًا عَلَيْهِمَا تَتَأَدَّى بِاعْتِبَارِ الْقَدْرِ، وَإِنْ لَمْ يَكُونُوا فَبِاعْتِبَارِ الْقِيمَةِ وَتَفْسِيرُهُ أَنْ يُؤَدِّيَ نِصْفَ صَاعٍ مِنْ دَقِيقِ الْبُرِّ تَبْلُغُ قِيمَتُهُ قِيمَةَ نِصْفِ صَاعٍ مِنْ بُرٍّ، وَأَمَّا لَوْ أَدَّى مَنًّا وَنِصْفَ مَنٍّ مِنْ دَقِيقِ الْبُرِّ وَلَكِنْ تَبْلُغُ قِيمَتُهُ نِصْفَ صَاعٍ مِنْ بُرٍّ أَوْ أَدَّى نِصْفَهُ مِنْ دَقِيقِ الْبُرِّ، وَلَكِنْ لَا تَبْلُغُ قِيمَتُهُ قِيمَةَ نِصْفِ صَاعٍ مِنْ بُرٍّ لَا يَكُونُ عَامِلًا بِالِاحْتِيَاطِ وَقَوْلُهُ: (وَإِنْ نَصَّ عَلَى دَقِيقٍ فِي بَعْضِ الْأَخْبَارِ) يُرِيدُ بِهِ مَا رَوَى أَبُو هُرَيْرَةَ «أَنَّ النَّبِيَّ قَالَ أَدُّوا قَبْلَ خُرُوجِكُمْ زَكَاةَ فِطْرِكُمْ فَإِنَّ عَلَى كُلِّ مُسْلِمٍ مُدَّيْنِ مِنْ قَمْحٍ أَوْ دَقِيقِهِ» وَقَوْلُهُ (وَلَمْ يُبَيِّنْ ذَلِكَ فِي الْكِتَابِ) أَيْ مُرَاعَاةَ الِاحْتِيَاطِ فِيهِمَا بِالْقَدْرِ وَالْقِيمَةِ لَمْ يُبَيِّنْ مُحَمَّدٌ فِي الْجَامِعِ الصَّغِيرِ (اعْتِبَارًا لِلْغَالِبِ) فَإِنَّ الْغَالِبَ أَنَّ قِيمَةَ نِصْفِ صَاعٍ مِنْ الدَّقِيقِ تُسَاوِي نِصْفَ صَاعٍ مِنْ بُرٍّ أَوْ تَزِيدُ، وَإِنْ كَانَ يُتَوَهَّمُ أَنْ لَا يَكُونَ كَذَلِكَ فِي بَعْضِ الْأَوْقَاتِ وَهُوَ وَقْتُ الْبَذْرِ فَلِذَلِكَ أَمَرَ بِالِاحْتِيَاطِ حَتَّى إنْ وَقَعَ ذَلِكَ يَزِيدُ مِنْ الدَّقِيقِ إلَى أَنْ تَبْلُغَ قِيمَتُهُ نِصْفَ صَاعٍ مِنْ الْبُرِّ

(وَالْخُبْزُ تُعْتَبَرُ فِيهِ الْقِيمَةُ هُوَ الصَّحِيحُ)

<<  <  ج: ص:  >  >>