ثُمَّ إنْ وَافَقَ صَوْمًا كَانَ يَصُومُهُ فَالصَّوْمُ أَفْضَلُ بِالْإِجْمَاعِ: وَكَذَا إذَا صَامَ ثَلَاثَةَ أَيَّامٍ مِنْ آخِرِ الشَّهْرِ فَصَاعِدًا، وَإِنْ أَفْرَدَهُ فَقَدْ قِيلَ: الْفِطْرُ أَفْضَلُ احْتِرَازًا عَنْ ظَاهِرِ النَّهْيِ وَقَدْ قِيلَ: الصَّوْمُ أَفْضَلُ اقْتِدَاءً بِعَلِيٍّ وَعَائِشَةَ ﵄ فَإِنَّهُمَا كَانَا يَصُومَانِهِ، وَالْمُخْتَارُ أَنْ يَصُومَ الْمُفْتِي بِنَفْسِهِ أَخْذًا بِالِاحْتِيَاطِ، وَيُفْتِي الْعَامَّةَ بِالتَّلَوُّمِ إلَى وَقْتِ الزَّوَالِ ثُمَّ بِالْإِفْطَارِ نَفْيًا لِلتُّهْمَةِ.
وَالرَّابِعُ: أَنْ يُضْجَعَ فِي أَصْلِ النِّيَّةِ بِأَنْ يَنْوِي أَنْ يَصُومَ غَدًا إنْ كَانَ مِنْ
مَثَلًا: قَدَّمَ صَلَاةَ الظُّهْرِ عَلَى وَقْتِهَا، فَإِنَّ مَعْنَاهُ نَوَاهَا قَبْلَ دُخُولِ وَقْتِهَا. فَإِنْ قِيلَ: فَمَا فَائِدَةُ قَوْلِهِ ﵊ «يَوْمٍ أَوْ يَوْمَيْنِ» وَحُكْمُ الْأَكْثَرِ مِنْ ذَلِكَ كَذَلِكَ. أُجِيبَ بِأَنَّ يَوْمًا وَيَوْمَيْنِ مَا وَصَلَ إلَى حَدِّ الْكَثْرَةِ فَيَجُوزُ أَنْ يُتَوَهَّمَ بِأَنَّ الْقَلِيلَ مَعْفُوٌّ فَيَجُوزُ كَمَا فِي كَثِيرٍ مِنْ الْأَحْكَامِ فَنَفَى ذَلِكَ، وَقَوْلُهُ (ثُمَّ إنْ وَافَقَ صَوْمًا) ظَاهِرٌ.
وَقَوْلُهُ (وَإِنْ أَفْرَدَهُ) يَعْنِي لَمْ يُوَافِقْ صَوْمًا يَصُومُهُ قَالَ مُحَمَّدُ بْنُ سَلَمَةَ (الْفِطْرُ أَفْضَلُ احْتِرَازًا عَنْ ظَاهِرِ النَّهْيِ) وَقَالَ نُصَيْرُ بْنُ يَحْيَى: (الصَّوْمُ أَفْضَلُ اقْتِدَاءً بِعَلِيٍّ وَعَائِشَةَ ﵄ فَإِنَّهُمَا كَانَا يَصُومَانِهِ) وَيَقُولَانِ: لَأَنْ نَصُومَ يَوْمًا مِنْ شَعْبَانَ أَحَبُّ إلَيْنَا أَنْ نُفْطِرَ يَوْمًا مِنْ رَمَضَانَ (وَالْمُخْتَارُ أَنْ يَصُومَ الْمُفْتِي بِنَفْسِهِ) احْتِيَاطًا عَنْ وُقُوعِ الْفِطْرِ فِي رَمَضَانَ (وَيُفْتِيَ الْعَامَّةَ بِالتَّلَوُّمِ) أَيْ بِالِانْتِظَارِ (إلَى وَقْتِ الزَّوَالِ ثُمَّ بِالْإِفْطَارِ نَفْيًا لِلتُّهْمَةِ) أَيْ تُهْمَةِ الرَّوَافِضِ ذَكَرَ فِي الْفَوَائِدِ الظَّهِيرِيَّةِ، لَا خِلَافَ بَيْنَ أَهْلِ السُّنَّةِ وَالْجَمَاعَةِ أَنَّهُ لَا يُصَامُ الْيَوْمُ الَّذِي يُشَكُّ فِيهِ أَنَّهُ مِنْ رَمَضَانَ عَنْ رَمَضَانَ.
وَقَالَ الرَّوَافِضُ: يَجِبُ أَنْ يُصَامَ يَوْمُ الشَّكِّ عَنْ رَمَضَانَ، وَقِيلَ: مَعْنَاهُ لَوْ أَفْتَى الْعَامَّةَ بِأَدَاءِ النَّفْلِ فِيهِ عَسَى أَنْ يَقَعَ عِنْدَهُمْ أَنَّهُ خَالَفَ رَسُولَ اللَّهِ ﷺ، حَيْثُ نَهَى عَنْ صَوْمِ يَوْمِ الشَّكِّ، وَهُوَ أَطْلَقَهُ فَيُفْتِيهِمْ بِالْإِفْطَارِ بَعْدَ التَّلَوُّمِ نَفْيًا لِهَذِهِ التُّهْمَةِ (وَالرَّابِعُ: أَنْ يُضَجِّعَ فِي أَصْلِ النِّيَّةِ) التَّضْجِيعُ فِي النِّيَّةِ التَّرْدِيدُ فِيهَا،
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute