إلَّا أَنَّهُ إذَا أَفْطَرَ فِي الْمَسْأَلَتَيْنِ لَا تَلْزَمُهُ الْكَفَّارَةُ لِقِيَامِ شُبْهَةِ الْمُبِيحِ.
(وَمَنْ أُغْمِيَ عَلَيْهِ فِي رَمَضَانَ لَمْ يَقْضِ الْيَوْمَ الَّذِي حَدَثَ فِيهِ الْإِغْمَاءُ) لِوُجُودِ الصَّوْمِ فِيهِ وَهُوَ الْإِمْسَاكُ الْمَقْرُونُ بِالنِّيَّةِ إذْ الظَّاهِرُ وُجُودُهَا مِنْهُ (وَقَضَى مَا بَعْدَهُ) لِانْعِدَامِ النِّيَّةِ (وَإِنْ أُغْمِيَ عَلَيْهِ أَوَّلَ لَيْلَةٍ مِنْهُ قَضَاهُ كُلَّهُ غَيْرَ يَوْمِ تِلْكَ اللَّيْلَةِ) لِمَا قُلْنَا. وَقَالَ مَالِكٌ: لَا يَقْضِي مَا بَعْدَهُ لِأَنَّ صَوْمَ رَمَضَانَ عِنْدَهُ يَتَأَدَّى بِنِيَّةِ وَاحِدَةٍ بِمَنْزِلَةِ الِاعْتِكَافِ، وَعِنْدَنَا لَا بُدَّ مِنْ النِّيَّةِ لِكُلِّ يَوْمٍ لِأَنَّهَا عِبَادَاتٌ مُتَفَرِّقَةٌ، لِأَنَّهُ يَتَخَلَّلُ بَيْنَ كُلِّ يَوْمَيْنِ مَا لَيْسَ بِزَمَانٍ لِهَذِهِ الْعِبَادَةِ. بِخِلَافِ الِاعْتِكَافِ (وَمَنْ أُغْمِيَ عَلَيْهِ فِي رَمَضَانَ كُلِّهِ قَضَاهُ) لِأَنَّهُ نَوْعُ مَرَضٍ يُضْعِفُ الْقُوَى وَلَا يُزِيلُ الْحِجَا فَيَصِيرُ عُذْرًا فِي التَّأْخِيرِ لَا فِي الْإِسْقَاطِ.
(وَمَنْ جُنَّ رَمَضَانَ كُلَّهُ لَمْ يَقْضِهِ) خِلَافًا لِمَالِكٍ
الْمُرَخِّصَ وَهُوَ السَّفَرُ قَائِمٌ وَقْتَ الْإِفْطَارِ فِي تِلْكَ الْمَسْأَلَةِ وَمَعَ ذَلِكَ لَمْ يُبَحْ لَهُ الْإِفْطَارُ، فَلَأَنْ لَا يُبَاحَ فِي هَذِهِ الْمَسْأَلَةِ وَهُوَ لَيْسَ بِقَائِمٍ فِيهِ أَوْلَى. وَقَوْلُهُ (فِي الْمَسْأَلَتَيْنِ) يَعْنِي مُسَافِرًا أَقَامَ وَمُقِيمًا سَافَرَ.
قَالَ (وَمَنْ أُغْمِيَ عَلَيْهِ فِي رَمَضَانَ) الْإِغْمَاءُ إمَّا أَنْ يَكُونَ مُسْتَغْرِقًا أَوْ لَا، وَالثَّانِي إمَّا أَنْ يَحْدُثَ فِي أَوَّلِ لَيْلَةٍ أَوْ فِي غَيْرِهَا، فَإِنْ كَانَ فِي غَيْرِهَا سَوَاءٌ كَانَ لَيْلًا أَوْ نَهَارًا لَا يَقْضِي صَوْمَ ذَلِكَ النَّهَارِ الَّذِي حَصَلَ فِيهِ أَوْ فِي لَيْلَتِهِ الْإِغْمَاءُ، وَكَذَا إذَا كَانَ فِي أَوَّلِ لَيْلَةٍ لِأَنَّ الْإِمْسَاكَ مَوْجُودٌ لَا مَحَالَةَ، وَكَذَا النِّيَّةُ ظَاهِرًا، لِأَنَّ ظَاهِرَ حَالِ الْمُسْلِمِ فِي لَيَالِي رَمَضَانَ عَدَمُ الْخُلُوِّ عَنْ النِّيَّةِ، وَالْأَوَّلُ يَقْضِيهِ كُلُّهُ لِمَا ذَكَرَهُ مِنْ قَوْلِهِ (لِأَنَّهُ نَوْعُ مَرَضٍ إلَخْ) وَكَلَامُهُ وَاضِحٌ.
وَقَوْلُهُ (وَمَنْ جُنَّ رَمَضَانَ كُلَّهُ) قَالَ شَمْسُ الْأَئِمَّةِ الْحَلْوَانِيُّ:
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute