للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

هُوَ يَعْتَبِرُهُ بِالْإِغْمَاءِ. وَلَنَا أَنَّ الْمُسْقِطَ هُوَ الْحَرَجُ وَالْإِغْمَاءُ لَا يَسْتَوْعِبُ الشَّهْرَ عَادَةً فَلَا حَرَجَ، وَالْجُنُونُ يَسْتَوْعِبُهُ فَيَتَحَقَّقُ الْحَرَجُ (وَإِنْ أَفَاقَ الْمَجْنُونُ فِي بَعْضِهِ قَضَى مَا مَضَى) خِلَافًا لِزُفَرَ وَالشَّافِعِيِّ رَحِمَهُمَا اللَّهُ. هُمَا يَقُولَانِ لَمْ يَجِبْ عَلَيْهِ الْأَدَاءُ لِانْعِدَامِ الْأَهْلِيَّةِ، وَالْقَضَاءُ مُرَتَّبٌ عَلَيْهِ، وَصَارَ كَالْمُسْتَوْعَبِ. وَلَنَا أَنَّ السَّبَبَ قَدْ وُجِدَ وَهُوَ الشَّهْرُ

الْمُرَادُ بِقَوْلِهِ جُنَّ رَمَضَانَ كُلَّهُ مَا يُمْكِنُهُ الصَّوْمُ فِيهِ ابْتِدَاءً، حَتَّى لَوْ أَفَاقَ بَعْدَ الزَّوَالِ مِنْ الْيَوْمِ الْأَخِيرِ مِنْ شَهْرِ رَمَضَانَ لَمْ يَلْزَمْهُ الْقَضَاءُ لِأَنَّ الصَّوْمَ لَا يَصِحُّ فِيهِ كَاللَّيْلِ هُوَ الصَّحِيحُ. وَقَوْلُهُ (هُوَ يَعْتَبِرُهُ بِالْإِغْمَاءِ) يَعْنِي مِنْ حَيْثُ إنَّ الْجُنُونَ مَرَضٌ يُخِلُّ الْعَقْلَ فَيَكُونُ عُذْرًا فِي التَّأْخِيرِ إلَى زَوَالِهِ لَا فِي الْإِسْقَاطِ كَمَا فِي الْإِغْمَاءِ.

وَقَوْلُهُ (وَلَنَا) ظَاهِرٌ. وَقَوْلُهُ (هُمَا يَقُولَانِ لَمْ يَجِبْ عَلَيْهِ الْأَدَاءُ) أَيْ أَدَاءُ ذَلِكَ الْبَعْضِ (لِانْعِدَامِ الْأَهْلِيَّةِ) وَكُلُّ مَنْ لَمْ يَجِبْ عَلَيْهِ الْأَدَاءُ لَمْ يَجِبْ عَلَيْهِ الْقَضَاءُ، لِأَنَّ الْقَضَاءَ مُرَتَّبٌ عَلَيْهِ (وَصَارَ كَالْمُسْتَوْعِبِ) فَإِنَّ الْمُسْتَوْعِبَ مِنْهُ مَنَعَ الْقَضَاءَ فِي الْكُلِّ، فَإِذَا وُجِدَ فِي الْبَعْضِ مَنَعَ بِقَدْرِهِ اعْتِبَارًا لِلْبَعْضِ بِالْكُلِّ (وَلَنَا أَنَّ السَّبَبَ قَدْ وُجِدَ وَهُوَ الشَّهْرُ) أَيْ بَعْضُهُ، لِأَنَّ السَّبَبَ لَوْ كَانَ كُلُّهُ لَوَقَعَ الصَّوْمُ فِي شَوَّالٍ فَكَانَ تَقْدِيرُ الْآيَةِ، وَاَللَّهُ أَعْلَمُ: فَمَنْ شَهِدَ مِنْكُمْ بَعْضَ الشَّهْرِ فَلْيَصُمْ الشَّهْرَ كُلَّهُ، لِأَنَّ الضَّمِيرَ يَرْجِعُ إلَى الْمَذْكُورِ دُونَ الْمُضْمَرِ وَالْمَجْنُونُ الَّذِي لَمْ يَسْتَغْرِقْ جُنُونُهُ الشَّهْرَ قَدْ شَهِدَ بَعْضَ الشَّهْرِ فَيَصُومُ كُلَّهُ.

فَإِنْ قِيلَ: يَجُوزُ أَنْ يَمْنَعَ مِنْ ذَلِكَ مَانِعٌ. وَهُوَ عَدَمُ الْأَهْلِيَّةِ فِيمَا مَضَى. أَجَابَ بِأَنَّ الْأَهْلِيَّةَ لِلْوُجُوبِ بِالذِّمَّةِ وَهِيَ كَوْنُهُ أَهْلًا لِلْإِيجَابِ وَالِاسْتِيجَابِ وَهِيَ مَوْجُودَةٌ لِأَنَّهَا بِالْآدَمِيَّةِ. فَإِنْ قِيلَ: لَوْ كَانَ مَا ذَكَرْتُمْ صَحِيحًا

<<  <  ج: ص:  >  >>