(وَإِذَا حَاضَتْ الْمَرْأَةُ أَوْ نَفِسَتْ أَفْطَرَتْ وَقَضَتْ) بِخِلَافِ الصَّلَاةِ لِأَنَّهَا تُحْرَجُ فِي قَضَائِهَا وَقَدْ مَرَّ فِي الصَّلَاةِ (وَإِذَا قَدِمَ الْمُسَافِرُ أَوْ طَهُرَتْ الْحَائِضُ فِي بَعْضِ النَّهَارِ أَمْسَكَا بَقِيَّةَ يَوْمِهِمَا) وَقَالَ الشَّافِعِيُّ ﵀: لَا يَجِبُ الْإِمْسَاكُ وَعَلَى هَذَا الْخِلَافِ كُلُّ مَنْ صَارَ أَهْلًا لِلُّزُومِ وَلَمْ يَكُنْ كَذَلِكَ فِي أَوَّلِ الْيَوْمِ. هُوَ يَقُولُ: التَّشْبِيهُ خَلَفٌ فَلَا يَجِبُ إلَّا عَلَى مَنْ يَتَحَقَّقُ الْأَصْلُ فِي حَقِّهِ كَالْمُفْطِرِ مُتَعَمِّدًا أَوْ مُخْطِئًا. وَلَنَا أَنَّهُ وَجَبَ قَضَاءً لِحَقِّ الْوَقْتِ لَا خَلَفًا لِأَنَّهُ وَقْتٌ مُعَظَّمٌ،
مَا يَنْدَرِئُ بِالشُّبُهَاتِ فِي بَابِ الْعُدْوَانِ.
وَقَوْلُهُ (وَإِذَا حَاضَتْ الْمَرْأَةُ أَوْ نُفِسَتْ) بِضَمِّ النُّونِ أَيْ صَارَتْ نُفَسَاءَ وَكَلَامُهُ وَاضِحٌ. وَقَوْلُهُ (وَإِذَا قَدِمَ الْمُسَافِرُ) قَدْ قَدَّمْنَا الْأَصْلَ الْجَامِعَ لِهَذِهِ الْفُرُوعِ، وَكَلَامُهُ كَمَا تَرَى يُشِيرُ إلَى اخْتِيَارِهِ وُجُوبَ الْإِمْسَاكِ، إذْ لَوْ لَمْ يَكُنْ كَذَلِكَ لَارْتَفَعَ الْخِلَافُ. فَإِنَّ الشَّافِعِيَّ ﵀ يَقُولُ: بِعَدَمِ الْوُجُوبِ بِنَاءً عَلَى أَنَّ التَّشَبُّهَ خَلْفٌ وَالْخَلْفُ لَا يَجِبُ إلَّا عَلَى مَنْ يَجِبُ الْأَصْلُ فِي حَقِّهِ كَالْمُفْطِرِ مُتَعَمِّدًا. وَالْمُخْطِئِ، يَعْنِي الَّذِي أَكَلَ يَوْمَ الشَّكِّ ثُمَّ ظَهَرَ أَنَّهُ مِنْ رَمَضَانَ أَوْ تَسَحَّرَ عَلَى ظَنِّ أَنَّهُ لَيْلٌ وَكَانَ الْفَجْرُ طَالِعًا لَا الَّذِي أَخْطَأَ فِي الْمَضْمَضَةِ وَنَزَلَ الْمَاءُ فِي جَوْفِهِ فَإِنَّهُ لَا يُفْطِرُ عِنْدَهُ. قُلْنَا: لَا نُسَلِّمُ أَنَّ التَّشَبُّهَ خَلْفٌ لِأَنَّ بَعْضَ الشَّيْءِ لَا يَكُونُ خَلْفًا عَنْ الْكُلِّ بَلْ وَجَبَ قَضَاءٌ لِحَقِّ الْوَقْتِ أَصْلًا لِأَنَّ هَذَا الْوَقْتَ مُعَظَّمٌ، وَلِهَذَا وَجَبَتْ الْكَفَّارَةُ عَلَى الْمُفْطِرِ فِيهِ عَمْدًا دُونَ غَيْرِهِ وَقَدْ قَالَ
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute