للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

بِخِلَافِ الْحَائِضِ وَالنُّفَسَاءِ وَالْمَرِيضِ وَالْمُسَافِرِ حَيْثُ لَا يَجِبُ عَلَيْهِمْ حَالَ قِيَامِ هَذِهِ الْأَعْذَارِ لِتَحَقُّقِ الْمَانِعِ عَنْ التَّشْبِيهِ حَسَبَ تَحَقُّقِهِ عَنْ الصَّوْمِ.

قَالَ (وَإِذَا تَسَحَّرَ وَهُوَ يَظُنُّ أَنَّ الْفَجْرَ لَمْ يَطْلُعْ فَإِذَا هُوَ قَدْ طَلَعَ، أَوْ أَفْطَرَ وَهُوَ يَرَى أَنَّ الشَّمْسَ قَدْ غَرَبَتْ فَإِذَا هِيَ لَمْ تَغْرُبْ أَمْسَكَ بَقِيَّةَ يَوْمِهِ) قَضَاءً لِحَقِّ الْوَقْتِ بِالْقَدْرِ الْمُمْكِنِ أَوْ نَفْيًا لِلتُّهْمَةِ (وَعَلَيْهِ الْقَضَاءُ) لِأَنَّهُ حَقٌّ مَضْمُونٌ بِالْمِثْلِ، كَمَا فِي الْمَرِيضِ وَالْمُسَافِرِ (وَلَا كَفَّارَةَ عَلَيْهِ) لِأَنَّ الْجِنَايَةَ قَاصِرَةٌ لِعَدَمِ الْقَصْدِ،

- «مَنْ تَقَرَّبَ فِيهِ بِخَصْلَةٍ مِنْ خِصَالِ الْخَيْرِ كَانَ كَمَنْ أَدَّى فَرِيضَةً، وَمَنْ أَدَّى فَرِيضَةً فِيهِ كَانَ كَمَنْ أَدَّى سَبْعِينَ فَرِيضَةً فِيمَا سِوَاهُ» وَإِذَا كَانَ مُعَظَّمًا وَجَبَ عَلَيْهِ قَضَاءُ حَقِّهِ بِالصَّوْمِ إنْ كَانَ أَهْلًا، وَبِالْإِمْسَاكِ إنْ لَمْ يَكُنْ وَإِذَا لَمْ يَكُنْ خَلْفًا لَا يَكُونُ وُجُوبُهُ مَبْنِيًّا عَلَى وُجُوبِ الْأَصْلِ (بِخِلَافِ الْحَائِضِ وَالنُّفَسَاءِ وَالْمَرِيضِ وَالْمُسَافِرِ حَيْثُ لَا يَجِبُ عَلَيْهِمْ) الْإِمْسَاكُ لِتَحَقُّقِ الْمَانِعِ عَنْهُ وَهُوَ قِيَامُ هَذِهِ الْأَعْذَارِ، فَإِنَّهَا كَمَا تَمْنَعُ عَنْ الصَّوْمِ تَمْنَعُ عَنْ التَّشَبُّهِ بِهِ، أَمَّا فِي الْحَائِضِ وَالنُّفَسَاءِ فَلِأَنَّ الصَّوْمَ عَلَيْهِمَا حَرَامٌ وَالتَّشَبُّهَ بِالْحَرَامِ حَرَامٌ، وَأَمَّا فِي الْمَرِيضِ وَالْمُسَافِرِ فَلِأَنَّ الرُّخْصَةَ فِي حَقِّهِمَا بِاعْتِبَارِ الْحَرَجِ فَلَوْ أَلْزَمْنَا التَّشَبُّهَ عَادَ عَلَى مَوْضُوعِهِ بِالنَّقْصِ.

قَالَ: (وَإِذَا تَسَحَّرَ وَهُوَ يُظَنُّ أَنَّ الْفَجْرَ لَمْ يَطْلُعْ) وَمَنْ أَخْطَأَ فِي الْفِطْرِ بِنَاءً عَلَى ظَنِّهِ فَسَدَ صَوْمُهُ وَلَزِمَهُ إمْسَاكُ بَقِيَّةِ يَوْمِهِ، وَيَجِبُ عَلَيْهِ الْقَضَاءُ وَلَا تَجِبُ عَلَيْهِ الْكَفَّارَةُ، وَلَا يَأْثَمُ بِهِ، أَمَّا فَسَادُ صَوْمِهِ فَلِانْتِفَاءِ رُكْنِهِ بِغَلَطٍ يُمْكِنُ الِاحْتِرَازُ عَنْهُ فِي الْجُمْلَةِ بِخِلَافِ النِّسْيَانِ. وَأَمَّا إمْسَاكُ الْبَقِيَّةِ فَلِقَضَاءِ حَقِّ الْوَقْتِ بِالْقَدْرِ الْمُمْكِنِ كَمَا ذَكَرْنَا آنِفًا أَوْ لِنَفْيِ التُّهْمَةِ، فَإِنَّهُ إذَا أَكَلَ وَلَا عُذْرَ بِهِ اتَّهَمَهُ النَّاسُ بِالْفِسْقِ، وَالتَّحَرُّزُ عَنْ مَوَاضِعِ التُّهَمِ وَاجِبٌ بِالْحَدِيثِ. وَأَمَّا الْقَضَاءُ فَلِأَنَّهُ حَقٌّ مَضْمُونٌ بِالْمِثْلِ شَرْعًا فَإِذَا فَوَّتَهُ قَضَاهُ كَالْمَرِيضِ وَالْمُسَافِرِ، وَأَمَّا عَدَمُ الْكَفَّارَةِ فَلِأَنَّ الْجِنَايَةَ قَاصِرَةٌ لِعَدَمِ الْقَصْدِ، وَيُعَضِّدُهُ مَا رُوِيَ عَنْ عُمَرَ : أَنَّهُ كَانَ جَالِسًا مَعَ أَصْحَابِهِ فِي رَحْبَةِ مَسْجِدِ الْكُوفَةِ عِنْدَ الْغُرُوبِ فِي شَهْرِ رَمَضَانَ، فَأُتِيَ بِعُسٍّ مِنْ لَبَنٍ فَشَرِبَ مِنْهُ هُوَ وَأَصْحَابُهُ، وَأَمَرَ الْمُؤَذِّنَ أَنْ يُؤَذِّنَ، فَلَمَّا رَقَى الْمِئْذَنَةَ رَأَى الشَّمْسَ لَمْ تَغِبْ فَقَالَ: الشَّمْسُ

<<  <  ج: ص:  >  >>