للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

إلَّا إذَا أَفْتَاهُ فَقِيهٌ بِالْفَسَادِ لِأَنَّ الْفَتْوَى دَلِيلٌ شَرْعِيٌّ فِي حَقِّهِ، وَلَوْ بَلَغَهُ الْحَدِيثُ وَاعْتَمَدَهُ فَكَذَلِكَ عِنْدَ مُحَمَّدٍ - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى -، لِأَنَّ قَوْلَ الرَّسُولِ لَا يَنْزِلُ عَنْ قَوْلِ الْمُفْتِي، وَعَنْ أَبِي يُوسُفَ - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى - خِلَافُ ذَلِكَ، لِأَنَّ عَلَى الْعَامِّيِّ الِاقْتِدَاءَ بِالْفُقَهَاءِ لِعَدَمِ الِاهْتِدَاءِ فِي حَقِّهِ إلَى مَعْرِفَةِ الْأَحَادِيثِ، وَإِنْ عَرَفَ تَأْوِيلَهُ تَجِبُ الْكَفَّارَةُ لِانْتِفَاءِ الشُّبْهَةِ، وَقَوْلُ الْأَوْزَاعِيِّ لَا يُورِثُ الشُّبْهَةَ لِمُخَالَفَتِهِ الْقِيَاسَ.

وَقَوْلُهُ (إلَّا إذَا أَفْتَاهُ فَقِيهٌ) يَعْنِي حِينَئِذٍ لَا تَجِبُ الْكَفَّارَةُ.

وَالْمُرَادُ بِهِ فَقِيهٌ يُؤْخَذُ مِنْهُ الْفِقْهُ وَيُعْتَمَدُ عَلَى فَتْوَاهُ فِي الْبَلَدِ، هَكَذَا رَوَى الْحَسَنُ عَنْ أَبِي حَنِيفَةَ وَبِشْرِ بْنِ الْوَلِيدِ عَنْ أَبِي يُوسُفَ وَابْنِ رُسْتُمَ عَنْ مُحَمَّدٍ (لِأَنَّ الْفَتْوَى دَلِيلٌ شَرْعِيٌّ فِي حَقِّهِ) فَتَصِيرُ شُبْهَةً (وَإِنْ بَلَغَهُ الْحَدِيثُ) وَهُوَ قَوْلُهُ «أَفْطَرَ الْحَاجِمُ وَالْمَحْجُومُ» رُوِيَ بِالْوَاوِ وَبِغَيْرِهِ بِنَصْبِ الْمَحْجُومِ (وَاعْتَمَدَهُ فَكَذَلِكَ عِنْدَ مُحَمَّدٍ) لَا تَجِبُ عَلَيْهِ الْكَفَّارَةُ (لِأَنَّ قَوْلَ الرَّسُولِ لَا يَنْزِلُ عَنْ قَوْلِ الْمُفْتِي، وَعَنْ أَبِي يُوسُفَ خِلَافُ ذَلِكَ) يَعْنِي لَا تَسْقُطُ الْكَفَّارَةُ (لِأَنَّ عَلَى الْعَامِّيِّ الِاقْتِدَاءَ بِالْفُقَهَاءِ لِعَدَمِ الِاهْتِدَاءِ فِي حَقِّهِ إلَى مَعْرِفَةِ الْأَحَادِيثِ) لِجَوَازِ أَنْ يَكُونَ مَصْرُوفًا عَنْ ظَاهِرِهِ أَوْ مَنْسُوخًا (وَإِنْ عَرَفَ تَأْوِيلَهُ) وَهُوَ «أَنَّ النَّبِيَّ مَرَّ بِهِمَا وَهُمَا مَعْقِلُ بْنُ سِنَانٍ مَعَ حَاجِمِهِ وَهُمَا يَغْتَابَانِ آخَرَ فَقَالَ أَفْطَرَ الْحَاجِمُ وَالْمَحْجُومُ» أَيْ ذَهَبَ بِثَوَابِ صَوْمِهِمَا الْغِيبَةُ. وَقِيلَ: «إنَّهُ غُشِيَ عَلَى الْمَحْجُومِ فَصَبَّ الْحَاجِمُ الْمَاءَ فِي حَلْقِهِ فَقَالَ أَفْطَرَ الْحَاجِمُ الْمَحْجُومَ» أَيْ فَطَّرَهُ بِمَا صَنَعَ بِهِ فَوَقَعَ عِنْدَ الرَّاوِي أَنَّهُ قَالَ: «أَفْطَرَ الْحَاجِمُ وَالْمَحْجُومُ» (تَجِبُ الْكَفَّارَةُ لِانْتِفَاءِ الشُّبْهَةِ) لِأَنَّهَا نَشَأَتْ مِنْ الِاعْتِمَادِ عَلَى الظَّاهِرِ، وَقَدْ زَالَ بِمَعْرِفَةِ التَّأْوِيلِ. فَإِنْ قِيلَ: لَا نُسَلِّمُ

<<  <  ج: ص:  >  >>