لِأَنَّ النَّبِيَّ ﵊ لَمْ يَكُنْ لَهُ مَأْوًى إلَّا الْمَسْجِدَ، وَلِأَنَّهُ يُمْكِنُ قَضَاءُ هَذِهِ الْحَاجَةِ فِي الْمَسْجِدِ فَلَا ضَرُورَةَ إلَى الْخُرُوجِ.
(وَلَا بَأْسَ بِأَنْ يَبِيعَ وَيَبْتَاعَ فِي الْمَسْجِدِ مِنْ غَيْرِ أَنْ يُحْضِرَ السِّلْعَةَ) لِأَنَّهُ قَدْ يَحْتَاجُ إلَى ذَلِكَ بِأَنْ لَا يَجِدَ مَنْ يَقُومُ بِحَاجَتِهِ إلَّا أَنَّهُمْ قَالُوا: يُكْرَهُ إحْضَارُ السِّلْعَةِ لِلْبَيْعِ وَالشِّرَاءِ. لِأَنَّ الْمَسْجِدَ مُحَرَّرٌ عَنْ حُقُوقِ الْعِبَادِ، وَفِيهِ شَغْلُهُ بِهَا، وَيُكْرَهُ لِغَيْرِ الْمُعْتَكِفِ الْبَيْعُ وَالشِّرَاءُ فِيهِ لِقَوْلِهِ ﵊ «جَنِّبُوا مَسَاجِدَكُمْ صِبْيَانَكُمْ إلَى أَنْ قَالَ وَبَيْعَكُمْ وَشِرَاءَكُمْ».
قَالَ (وَلَا يَتَكَلَّمُ إلَّا بِخَيْرٍ
وُجِدَتْ فِي جَمِيعِ الْيَوْمِ. لِأَنَّ الْقَلِيلَ تَابِعٌ لِلْأَكْثَرِ.
وَقَوْلُهُ (لَمْ يَكُنْ لَهُ مَأْوًى إلَّا الْمَسْجِدُ) يَعْنِي فِي غَالِبِ أَحْوَالِهِ، وَيَلْزَمُ مِنْ ذَلِكَ أَنْ يَكُونَ أَكْلُهُ فِيهِ حِينَئِذٍ.
وَقَوْلُهُ (وَلَا بَأْسَ بِأَنْ يَبِيعَ وَيَبْتَاعَ) يَعْنِي مَا كَانَ مِنْ حَوَائِجِهِ الْأَصْلِيَّةِ، وَأَمَّا مَا كَانَ لِلتِّجَارَةِ فَهُوَ مَكْرُوهٌ؛ أَلَا تَرَى إلَى قَوْلِهِ (وَيُكْرَهُ لِغَيْرِ الْمُعْتَكِفِ الْبَيْعُ وَالشِّرَاءُ فِيهِ) فَإِذَا كَانَ لِغَيْرِ الْمُعْتَكِفِ مَكْرُوهًا فَمَا ظَنُّك بِالْمُعْتَكِفِ.
وَقَوْلُهُ (وَلَا يَتَكَلَّمُ إلَّا بِخَيْرٍ) يَعْنِي أَنَّ التَّكَلُّمَ بِالشَّرِّ فِي الْمُعْتَكِفِ أَشَدُّ حُرْمَةً مِنْهُ فِي غَيْرِهِ، فَكَانَ مِنْ قَبِيلِ قَوْله تَعَالَى ﴿فَلا تَظْلِمُوا فِيهِنَّ أَنْفُسَكُمْ﴾ فَإِنَّ الظُّلْمَ وَإِنْ كَانَ حَرَامًا مُطْلَقًا لَكِنَّهُ قَيَّدَهُ
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute