ولا يلزم من كتابتها بالألف مدها، فإن الثلاثي إذا كان من ذوات الواو تعين كتبه بالألف، سواء مد أو قصر كعصا، وإن كان من ذوات الياء وليس منونا كتب بالياء ويجوز بالألف أيضا، وإن كان منونا فمنهم من يقول لا يكتب إلا بالألف، ومنهم من جوزه بالياء، وهذا والله تعالى أعلم من كدوت، وأما قول القاضي حسين في تعليقه في أول باب دخول مكة من الثنية العليا: وهي كدا بضم الكاف، ويخرج من السفلى وهي كداء بفتح الكاف، فغلط وتصحيف ظاهر، وهو كلام معكوس إما من المصنف وإما من غيره.
كراع الغميم: ذكرته في باب الغين واضحا مبسوطا.
الكعبة: البيت الحرام زادها الله تشريفا وتكريما وتعظيما ومهابة، هو اسم للبيت العتيق خاصة سميت بذلك لاستدارتها وعلوها، وقيل: لتربيعها. وقد تقدم إيضاح هذا في فصل الكاف مع العين والباء من اللغات. وقد بنيت الكعبة الكريمة خمس مرات: إحداها: بناء الملائكة قبل آدم، والثانية: بناء إبراهيم عليه السلام، والثالثة: بناء قريش في الجاهلية، وقد حضر رسول الله - صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - هذا البناء كما ثبت في الحديث الصحيح، والرابعة: بناء ابن الزبير رضي الله تعالى عنهما، والخامسة: بناء الحجاج بن يوسف الثقفي، وهذا هو البناء الموجود اليوم، وهكذا كانت الكعبة في زمن رسول الله - صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -.
قال المارودي في الأحكام السلطانية: وكانت الكعبة بعد إبراهيم عليه السلام مع جرهم، والعمالقة إلى أن انقرضوان وخلفهم فيها قريش بعد استيلائهم على الحرم لكثرتهم بعد القلة وعزتهم بعد الذلة، فكان أول من جدد بناء الكعبة من قريش بعد إبراهيم عليه السلام قصي بن كلاب، وسقفها بخشب الدوم وجريد النخل، ثم بنتها قريش بعده ورسول الله - صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - ابن خمس وعشرين سنة، وشهد بناءها، وكان بابها بالأرض. فقال أبو حذيفة بن المغيرة: يا قوم ارفعوا باب الكعبة حتى لا يدخل إلا بسلم فإنه لا يدخلها حينئذ إلا من أردتم، فإن جاء أحد ممن تكرهون رميتم به فسقط، وصار نكالا لمن يراه، ففعلت قريش ذلك، وكان سبب بنائها: أن الكعبة استهدمت، وكانت فوق القامة فأرادوا تعليتها.
وقد ذكرت جملا مما يتعلق بالكعبة ومبدأ أمرها وأحكامها الآن في كتاب المناسك، وضمنته من النفائس الغريبة مما يستطرف، وذكرت في هذا الكتاب عند ذكر مكة وبكة والبيت والحرام جملا كثيرة تتعلق بها، وهي معروفة في مواضعها.