العالمين، هذا يبعثه الله حجة للعالمين، قالوا: فمن أين علمت ذلك؟ قال: إنكم حين أقبلتم من العقبة لم يبق شجرة ولا حجر إلا خر ساجدًا، ولا يسجد إلا لنبى، وإنا نجده فى كتبنا، وسأل أبا طالب أن يرده خوفًا من اليهود فرده.
ثم خرج - صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - ثانيًا إلى الشام مع ميسرة غلام خديجة، رضى الله عنها، فى تجارة لها قبل أن يتزوجها، حتى بلغ سوق بصرى، فلما بلغ خمسًا وعشرين سنة تزوج خديجة، ولما خرج إلى المدينة مهاجرًا خرج معه أبو بكر الصديق، رضى الله عنه، ومولى أبى بكر عامر بن فُهيرة، بضم الفاء، ودليلهم عبد الله بن الأريقط الليثى، وهو كافر، ولا يُعلم له إسلام.
فصل فى صفته - صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -
كان - صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - ليس بالطويل البائن، ولا بالقصير، ولا الأبيض الأمهق، ولا الآدم، ولا الجعد القطط، ولا السبط، وتوفى وليس فى رأسه عشرون شعرة بيضاء، وكان حسن الجسم، بعيد ما بين المنكبين، له شعر إلى منكبيه، وفى وقت إلى شحمتى أذنيه، وفى وقت إلى نصف أذنيه، كث اللحية، شثن الكفين، أى غليظ الأصابع، ضخم الرأس والكراديس، فى وجهه تدوير، أدعج العينين، طويل أهدابهما، أحمر المآقى، ذا مشربة، وهى الشعر الدقيق من الصدر إلى السرة كالقضيب، إذا مشى تقلع كأنما ينحط فى صبب، أى يمشى بقوة، والصبب الحدور، يتلألأ وجهه كالقمر ليلة البدر كأن وجهه كالقمر، حسن الصوت، سهل الخدين، ضليع الفم، سواء البطن والصدر، أشعر المنكبين والذراعين وأعالى الصدر، طويل الزندين، رحب الراحة، أشكل العينين، أى طويل شقهما، منهوس العقبين، أى قليل لحم العقب، بين كتفيه خاتم النبوة، كزر الحجلة وكبيضة الحمامة.
وكان إذا مشى كأنما تطوى له الأرض، ويَجِدُّون فى لحاقه وهو غير مكترث، وكان يسدل شعر رأسه ثم فرقه، وكان يرجله ويسرح لحيته، ويكتحل بالأثمد كل ليلة فى كل عين ثلاثة أطراف عند النوم، وكان أحب