الثياب والوشى، فيقسمها بين الناس. وقال الربيع: كان الشافعى راكبًا على حمار، فمر على سوق الحدادين، فسقط سوطه من يده، فوثب إنسان فمسحه بكفه وناوله إياه، فقال لغلامه: ادفع إليه الدنانير التى معك، فما أدرى كانت سبعة أو تسعة.
قال: وكنا يومًا مع الشافعى، فانقطع شسع نعله، فأصلحه له رجل، فقال: يا ربيع، أمعك من نفقتنا شىء؟ قلت: نعم، قال: كم؟ قلت: سبعة دنانير، قال: ادفعها إليه. وقال أبو سعد: كان الشافعى من أجود الناس وأسخاهم كفًا، كان يشترى الجارية الصناع التى تطبخ وتعمل الحلواء، ويقول لنا: تشهوا ما أحببتم، فقد اشتريت جارية تحسن أن تعمل ما تريدون، فيقول بعض أصحابنا: اعملى اليوم كذا وكذا، وكنا نحن نأمرها. وقال الربيع: كان الشافعى إذا سأله إنسان شيئًا يحمر وجهه حياء من السائل، ويبادر بإعطائه، رحمه الله ورضى عنه.
[فصل فى شهادة أئمة الإسلام المتقدمين فمن بعدهم للشافعى بالتقدم فى العلم]
واعترافهم له به، وحسن ثنائهم عليه، وجميل دعائهم له ووصفهم له بالصفات الجميلة والخلال الحميدة
وهذا الباب ربما يتسع جدًا، لكنا نرمز إلى أحرف منه تنبيهًا بها على ما سواها، وأسانيدها كلها موجودة مشهورة، لكن نحذفها اختصارًا. قال له شيخه مالك بن أنس، رضى الله عنه: إن الله عز وجل قد ألقى على قلبك نورًا، فلا تطفئه بالمعصية. وقال الشافعى: لما رحلت إلى مالك فسمع كلامى، نظر إلىَّ ساعة، وكانت لمالك فراسة، فقال: ما اسمك؟ قلت: محمد، قال: يا محمد، اتق الله واجتنب المعاصى، فإنه سيكون لك شأن، فقلت: نعم وكرامة، فقال: إذا كان غدًا تجىء ويجىء من يقرأ لك الموطأ، فقلت: إنى أقرأه ظاهرًا، فغدوت إليه وابتدأت، فكلما تهيبت مالكًا وأردت أن أقطع أعجبته قراءتى وأغرانى بقول: زد يا فتى، حتى قرأته عليه فى أيام يسيرة، ثم أقمت بالمدينة إلى أن توفى مالك، رضى الله عنه، ثم ذكر