الحمد لله خالق المصنوعات، وبارىء البريات، ومدبر الكائنات، ومصرف الألسن الناطقات، مفضل لغة العرب على سائر اللغات، المُنزل كتابه والمرسل رسوله وحبيبه محمدًا - صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - بها تنويهًا بشأنها، وتعريفًا بعظم محلها وارتفاع مكانها، أحمده أبلغ الحمد وأكمله، وأزكاه وأشمله، وأشهد أن لا إله إلا الله اللطيف الكريم، الرءوف الرحيم، وأشهد أن محمدًا عبده ورسوله، وحبيبه وخليله - صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - وعلى سائر النبيين وآل كل وسائر الصالحين، أما بعد:
فإن لغة العرب لما كانت بالمحل الأعلى، والمقام الأسنى، وبها يُعرف كتاب رب العالمين، وسُنة خير الأولين والآخرين، وأكرم السابقين واللاحقين، صلوات الله عليه وعلى سائر النبيين والتابعين لهم بإحسان إلى يوم الدين، اجتهد أولو البصائر والأنفس الزاكيات، والهمم المهذبة العاليات فى الاعتناء بها، والتمكن من إتقانها بحفظ أشعار العرب وخطبهم ونثرهم، وغير ذلك من أمرهم، وكان هذا الاعتناء فى زمن الصحابة، رضى الله عنهم، مع فصاحتهم نسبًا ودارًا، ومعرفتهم باللغة استظهارًا، لكن أرادوا الاستكثار من اللغة التى حالها ما ذكرنا، ومحلها ما قدمنا، وكان ابن عباس، وعائشة، وغيرهما، رضى الله عنهم، يحفظون من الأشعار واللغات ما هو من المعروفات الشائعات.
وأما ضرب عمر بن الخطاب وابنه، رضى الله عنهما، أولادهما لتفريطهم فى حفظ العربية، فمن المنقولات الواضحات الجلية. وأما المنقول عن التابعين ومَن بعدهم فى ذلك، فهو أكثر من أن يُحصر، وأشهر من أن يذكر.
وأما ثناء إمامنا الشافعى، رحمه الله، وحثه على تعلم العربية فى