أول رسالته، فهو مقتضى منصبه، وعظم جلالته، ولا حاجة إلى الإطالة فى الحث عليها، فالعلماء مجمعون على الدعاء إليها، بل شرطوها فى المفتى، والإمام الأعظم والقاضى لصحة الولايات، واتفقوا على أن تعلمها وتعليمها من فروض الكفايات.
فلما كان أمرها ما ذكرته، وجلالتها بالمحل الذى وصفته، أردت أن أسلك بعض طرق أهلها، لعلى أنال بعض فضلها، وأؤدى بعض ما ذكرته من فروض الكفاية، وأساعد فى معرفة اللغة من له رغبة من أهل العناية، فأجمع إن شاء الله الكريم الرءوف الرحيم ذو الطول والإحسان والفضل والامتنان كتابًا فى الألفاظ الموجودة فى "مختصر أبى إبراهيم المزنى"، و"المهذب"، و"التنبيه"، و"الوسيط"، و"الوجيز"، و"الروضة"، وهو الكتاب الذى اختصرته من شرح الوجيز للإمام أبى القاسم الرافعى، رحمه الله.
فإن هذه الكتب الستة تجمع ما يحتاج إليه من اللغات، وأضم إلى ما فيها جُملاً مما يحتاج إليه مما ليس فيها؛ ليعم الانتفاع به إن شاء الله تعالى، اللغات العربية، والعجمية، والمعربة، والاصطلاحات الشرعية، والألفاظ الفقهية، وأضم إلى اللغات ما فى هذه الكتب من أسماء الرجال، والنساء، والملائكة، والجن، وغيرهم ممن له ذكر فى هذه الكتب برواية وغيرها، مسلمًا كان أو كافرًا، برًا كان أو فاجرًا.
وخصصت هذه الكتب بالتصنيف؛ لأن الخمسة الأولى منها مشهورة بين أصحابنا يتداولونها أكثر تداول، وهى سائرة فى كل الأمصار، مشهورة للخواص والمبتدئين فى كل الأقطار، مع عدم تصنيف مفيد يستوعبها.
وقد صنَّف جماعة فى أفرادها مصنفات غير مستوفات، وفى كثير منها إنكار وتصحيف، فيقبح بمنتصب للإعادة أو التدريس إهمال ذلك، وأرجو من فضل الله الكريم إن تم هذا الكتاب أن يشفى القلوب الصافيات، ويملأ الأعين الصحيحات الكاملات.