مذكور فى المختصر فى الرضاع. هو أبو عبد الله سالم بن عبيد بن ربيعة، هكذا نسبه ابن مندة. وقال أبو نعيم: هذا وهم فاحش. وقال غيره: هو سالم بن معقل، وهو مولى أبى حذيفة بن عتبة بن ربيعة بن عبد شمس بن عبد مناف بن قصى القريشى العبشمى.
كان سالم من أهل فارس من اصطخر، وهو من فضلاء الصحابة والمهاجرين، أعتقته مولاته بثينة امرأة أبى حذيفة الأنصارية، فتولاه أبو حذيفة وتبناه، فيقال له: قريشى وأنصارى وفارسى لما ذكرناه. وثبت فى الصحيح أنه هاجر من مكة إلى المدينة قبل قدوم رسول الله - صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -، فكان يؤم المهاجرين بالمدينة؛ لأنه كان أكثرهم قرآنًا. والأحاديث الصحيحة فى فضله كثيرة.
وكان عمر بن الخطاب، رضى الله عنه، يثنى عليه كثيرًا، حتى قال حين أوصى قبل وفاته: لو كان سالم حيًا ما جعلته شورى. قال أبو عمر بن عبد البر، رحمه الله: معناه أنه كان يصدر عن رأيه فيمن ينجز له تولية الخلافة.
وآخى رسول الله - صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - بينه وبين معاذ بن ماغص، وكان أبو حذيفة قد زوَّجه بنت أخيه فاطمة بنت الوليد بن عتبة، وهى من المهاجرات، وكانت من أفضل أيامى قريش. وثبت فى الصحيح أن سهلة بنت سهيل بن عمرو امرأة أبى حذيفة جاءت إلى النبى - صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -، فقالت: يا رسول الله، إن سالمًا بلغ مبلغ الرجال، وعقل ما يعقلون، وأنه يدخل علينا، وإنى أظن فى نفس أبى حذيفة من ذلك شيئًا، فقال:"أرضعيه تحرمى عليه، ويذهب ما فى نفس أبى حذيفة"(١) ، فرجعت إليه، فقالت: إنى أرضعته، فذهب ما فى نفس أبى حذيفة.
وشهد سالم بدرًا، وأُحُدًا، والخندق، وسائر المشاهد مع رسول الله - صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -، وقُتل يوم اليمامة شهيدًا، وكان لواء المسلمين معه يومئذ، فقيل: لو أعطيته غيرك لخشى عليه معك، فقال: بئس حامل القرآن أنا إذًا، فقاتل فقطعت يمينه، فأخذ اللواء بيساره، فقطعت يساره، فاعتنق اللواء وهو يقول:
(١) أخرجه مسلم (٢/١٠٧٦، رقم ١٤٥٣) ، وأبو داود (٢/٢٢٣، رقم ٢٠٦١) ، والنسائى (٦/١٠٥، رقم ٣٣٢٢) ، وابن ماجه (١/٦٢٥، رقم ١٩٤٣) جميعًا عن عائشة قالت: إن سهلة بنت سهيل بن عمرو جاءت النبى (فقالت: يا رسول الله إن سالمًا مولى أبى حذيفة معنا فى بيتنا، وقد بلغ ما يبلغ الرجال وعلم ما يعلم الرجال ... فذكره.