الصوت، حسن السمت، عظيم العقل، حسن الوجه، حسن الخلق، مهيبًا، فصيحًا، إذا أخرج لسانه بلغ أنفه، وكان كثير الأسقام، وقولهم: طويل القصب.
قال الأصمعى: هو عظم العضد والفخذ والساق، فكل عظم منها قصبة، وقولهم: سائل الخدين، أى رقيقهما مستطيلهما، والقائنة بالهمزة هى شديدة الحمرة. وقال يونس ابن عبد الأعلى: ما رأيت أحدًا لقى من السقم ما لقى الشافعى، وسبب هذا والله أعلم لطف الله تعالى به ومعاملته بمعاملة الأولياء؛ لقوله - صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - فى الحديث الصحيح:"نحن معاشر الأنبياء أشد بلاء، ثم الأمثل فالأمثل".
وقال الربيع: كان الشافعى حسن الوجه، حسن الخلق، محببًا إلى كل من كان بمصر فى وقته من الفقهاء والنبلاء والأمراء، كلهم يجل الشافعى ويعظمه، وكان مقتصدًا فى لباسه، ويتختم فى يساره، نقش خاتمه: كفى بالله ثقة لمحمد بن إدريس، وكان مجلسه مصونًا، وكان إذا خيض فى مجلسه فى الكلام نهى عنه، وكان ذا معرفة تامة بالطب والرمى، حتى كان يصيب عشرة من عشرة.
قال الربيع: وكان الشافعى أشجع الناس وأفرسهم، وكان يأخذ بأذنه وأذن الفرس والفرس يعدو، وكان ذا معرفة بالفراسة، وكان مع حسن خلقه مهيبًا، حتى قال الربيع وهو صاحبه وخادمه: والله ما اجترأت أن أشرب والشافعى ينظر إلىَّ هيبة له.
[فصل فى منثور من أحوال الشافعى، رحمه الله]
قال الربيع: سمعت الشافعى يقول: رأيت رسول الله - صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - فى المنام قبل حلمى، فقال لى: يا غلام، فقلت: لبيك يا رسول الله، قال: ممن أنت؟ قلت: من رهطك، قال: ادن منى، فدنوت منه، ففتح فمى، فأمر من ريقه على لسانى وفمى وشفتى، وقال: امض بارك الله فيك، فما أذكر أنى لحنت فى حديث بعد ذلك ولا شعر.
وعن أبى الحسن على بن أحمد الدينورى الزاهد، قال: رأيت النبى - صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - فى المنام، فقلت: يا رسول الله، بقول مَن آخذ؟ فأشار إلى على بن أبى