عبد المطلب يسقي الناس حتى توفي، فقام بأمر السقاية بعده ابنه العباس بن عبد المطلب، فلم تزل في يده، وكان للعباس كرم بالطائف، فكان يحمل زبيبه، وكان يداين أهل الطائف، ويقتضي منهم الزبيب، فينبذ ذلك كله، ويسقيه الحاج في أيام الموسم، حتى مضت الجاهلية، وصدر من الإسلام ثم أقرها النبي - صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - في يد العباس يوم الفتح، ثم لم تزل في يد العباس حتى توفي فوليها بعده ابنه عبد الله بن عباس رضي الله تعالى عنهما، فكان يفعل ذلك كفعله، ولا ينازعه فيها منازع، حتى توفي فكانت بيد ابنه علي بن عبد الله يفعل كفعل ابيه وجده، يأتيه الزبيب من الطائف، فينبذه حتى توفي، ثم كانت بيده إلى الآن.
[حرف السين]
سار: قوله في أول الوسيط: الطهورية مخصوصة بالماء من بين سائر المائعات، قد أنكره الشيخ تقي الدين رحمه الله تعالى فقال: في كلامه هذا استعمال للفظة سائر بمعنى الجميع، وذلك مردود عند أهل اللغة، معدود في غلط العامة، وأشباههم من الخاصة. قال أبو منصور الأزهري في تهذيب اللغة: أهل اللغة اتفقوا على أن معنى سائر الباقي. قال الشيخ: ولا التفات إلى قول الجوهري صاحب اللغة سائر الناس جميعهم، فإنه ممن لا يقبل ما ينفرد به، وقد حكم عليه بالغلط في هذا من وجيهن، أحدهما: في تفسير ذلك بالجميع، والثاني: في أنه ذكره في فصل سير، وحقه أن يذكره في فصل سار؛ لأنه من السؤر بالهمز، وهو بقية الشراب وغيره.
قال الشيخ: وقول الغزالي صحيح من حيث الحكم، أن هذه الخصوصية، إنما هي بالنسبة إلى المائعات فحسب لا مطلقًا، فإن التراب طهور أيضًا بنص الحديث، فهذا وجه يصح به هذا الكلام، وقد استعمل الغزالي رحمه الله تعالى سائر بمعنى الجميع، في مواضع كثيرة من الوسيط، وهي لغة صحيحة ذكرها غير الجوهرى، لم ينفرد بها الجوهري، بل وافقه عليها الإمام أبو منصور الجواليقي في أول كتابه شرح أدب الكاتب أن سائر بمعنى: الجميع، واستشهد على ذلك، وإذا اتفق هذان الإمامان على نقلها فهي لغة. وقال ابن دريد: سائر الشيء يقع على معظمه، وجله ولا يستغرقه. كقولهم جاء سائر بني فلان أي: