وجاء في الحديث:"ماء زمزم طعام طعم، وشفاء سقم"، و"جاء ماء زمزم لما شرب له" معناه من شربه لحاجة نالها، وقد جربه العلماء والصالحون لحاجات أخروية ودنيوية، فنالوها بحمد الله تعالى، وفضله، وفي الصحيح عن أبي ذر الغفاري رضي الله تعالى عنه: أنه أقام شهرًا بمكة، لا قوت له إلا ماء زمزم، وفضائلها أكثر من أن تحصر، والله تعالى أعلم.
وروى الأزرقي عن العباس بن عبد المطلب رضي الله تعالى عنه، قال: تنافس الناس في زمزم في زمن الجاهلية حتى إن كان أهل العيال يفدون بعيالهم فيشربون فيكون صبوحا لهم، وقد كنا نعدها عونا على العيال. قال العباس: وكانت زمزم في الجاهلية تسمى شباعة، وفي غريب الحديث لابن قتيبة عن علي بن أبي طالب رضي الله تعالى عنه، قال:"خير بئر في الآرض زمزم، وشر بئر في الأرض برهوت". قال ابن قتيبة: برهوت بئر بحضرموت، يقال: إن أرواح الكفار فيها، وذكر له دلائل.
قال الأزرقي: كان ذرع زمزم من أعلاها إلى أسفلها ستين ذراعًا كل ذلك بنيان، وما بقي فهو جبل منقور، وهي تسعة وعشرون ذراعا، وذرع تدوير فم زمزم أحد عشر ذراعا، وسعة فم زمزم ثلاث أذرع وثلثا ذراع، وعلى البئر مكبس ساج مربع فيه اثنتا بكرة يستقى عليها، وأول من عمل الرخام على زمزم وعلى الشباك وفرش أرضها بالرخام أبو جعفر أمير المؤمنين في خلافته.
قال الأزرقي: ولم تزل السقاية بيد عبد مناف، فكان يسقى الماء من بئر كرادم وبئر خم على الإبل في المزاد والقرب، ثم يسكب ذلك الماء في حياض من أدم بفناء الكعبة، فيرده الحاج حتى يتفرقوا، وكان يستعذب لذلك الماء، ثم وليها من بعده ابنه هاشم بن عبد مناف، ولم يزل يسقي الحاج حتى توفي، فقام بأمر السقاية من بعده ابنه عبد المطلب بن هاشم، فلم يزل كذلك حتى حفر زمزم، فعفت على آبار مكة كلها، فكان منها يشرب الحاج، وكانت لعبد المطلب إبل كثيرة، فإذا كان الموسم جمعها، ثم يسقي لبنها بالعسل في حوض من آدم ثم زمزم، ويشتري الزبيب فينبذه بماء زمزم، وكانت إذ ذاك غليظة جدا، وكان للناس أسقية كثيرة يستقون منها الماء، ثم ينبذون فيها القبضات من الزبيب والتمر ليكثر غلظ الماء، وكان الماء العذب بمكة عزيزًا، لا يوجد إلا لإنسان يستعذب له من بئر ميمون وخارج من مكة، فلبث