وذكر الإمام ابن الأثير أم أيمن، فقال: أسلمت قديمًا فى أول الإسلام، وهاجرت إلى الحبشة وإلى المدينة، وبايعت رسول الله - صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -، وهى التى شربت بول رسول الله - صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -، وقيل: أن التى شربته بركة جارية أم حبيبة، وإنما كنيت أم أيمن بابنها أيمن بن عبيد، تزوجها زيد بن حارثة بعد عبيد الحبشى، وكان رسول الله - صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - يقول:"أم أيمن أمى بعد أمى"، وكان يزورها فى بيتها. توفيت بعد رسول الله - صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - بخمسة أشهر، وقيل: بستة أشهر، هذا كلام ابن الأثير.
وقال محمد بن سعد كاتب الواقدى فى طبقاته: أم أيمن اسمها بركة. قال محمد بن عمر، يعنى الواقدى: شهدت أُحُدًا، وخيبر، وتوفيت فى خلافة عثمان بن عفان. قلت: هذا الذى قاله الواقدى من وفاتها شاذ منكر مردود، وإنما نذكر مثله ليعلم أنا قد اطلعنا عليه ونعتقد بطلانه مخافة من اغترار واقف عليه.
استشهد أيمن، رضى الله عنه، يوم حنين، وقد روينا عن الشافعى إكفاره على من روى عن مجاهد، عن أيمن، عن النبى - صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -: "لا يقطع السارق إلا فى ثمن المجن"، وكان ثمن المجن يومئذ دينارًا. قال الشافعى: قتل أيمن يوم حنين قبل مولد مجاهد.
قال القاضى عياض فى شرح مسلم: أم أيمن اسمها بركة، وهى أم أسامة، كان أسامة أسود وأبوه زيد أبيض، ولم أر لأحد أن أم أيمن كانت سوداء إلا أحمد بن سعيد الصدفى، فذكر فى تاريخه عن عبد الرزاق، عن ابن سيرين أنها كانت سوداء، فعلى هذا خرج لون أسامة كلونها. قال: وقد نسبها الناس، فقالوا: هى أم أيمن بركة بنت محصن ابن ثعلبة بن عمرو بن حفص بن مالك بن سلمة بن عمرو بن النعمان.
قال القاضى عياض: وقد ذكر مسلم فى كتاب الجهاد، عن ابن شهاب، أن أم أيمن كانت من الحبشة، وكذا ذكر الواقدى. قال: وذكر بعض المؤرخين أن أم أيمن هذه كانت من سبى جيش أبرهة صاحب الفيل لما انهزم أبرهة عن مكة، أخذها عبد المطلب من فل عسكره، وهذا يؤكد ما ذكره ابن سيرين، هذا آخر كلام القاضى عياض.