كان فاضلاً، غزير العلم، حسن المعرفة بالمذهب، جميل السيرة، مرضى الطريقة، كثير العبادة، دائم الذكر، خشن العيش، قانعًا باليسير، راغبًا فى نشر العلم، لازمًا للسنة، غير ملتفت إلى الأمراء وأبناء الدنيا، سمع بنيسابور الحافظ أبا صالح المؤذن، وأحمد بن خلف الشيرازى، وغيرهما، وبأصبهان أبا الفضل حمد بن أحمد الحداد، وغيره، وببغداد حين وردها حاجًا أبا على بن تيهان، وغيره.
سمع منه أبو سعد السمعانى، وحدث عنه الحافظ أبو القاسم بن عساكر فى معجمه، وسكن هراة حتى توفى بها، وكان مفتيها، وصنف فى المذهب. وذكره أبو الحسن عبد الغافر، فقال: هو شاب نشأ فى عبادة الله تعالى، مرضى السيرة، جار على منوال أبيه أبى القاسم البوشنجى الفقيه، وهو فقيه مدرس، مناظر، ورع، زاهد، دخل نيسابور، وحضر مجالس النظر، فارتضاه الأئمة والفقهاء. وقال الإمام أبو القاسم الرافعى: هو إمام غواص متأخر، لقيه من لقينا. ولد إسماعيل سنة إحدى وستين وأربعمائة، وتوفى بهراة سنة ست وثلاثين وخمسمائة، رحمه الله.
٥٨ - الأسود بن يزيد التابعى (١) :
مذكور فى المهذب فى أول الفوات والإحصار، وفى ميراث الأخوات. هو أبو عمرو، ويقال: أبو عبد الرحمن الأسود بن يزيد بن قيس بن عبد الله بن مالك بن علقمة ابن سلامان بن كهيل النخعى الكوفى التابعى الفقيه الإمام الصالح، أخو عبد الرحمن ابن يزيد، وابن أخى علقمة بن قيس، وكان أسن من علقمة، وهو خال إبراهيم بن يزيد النخعى الفقيه. رأى أبا بكر الصديق، وعمر بن الخطاب، رضى الله عنهما. وروى عن على، وابن مسعود، ومعاذ، وأبى موسى، وعائشة. روى عنه ابنه عبد الرحمن بن الأسود، وأخوه عبد الرحمن بن يزيد، وإبراهيم النخعى، وآخرون.
قال أحمد بن حنبل: هو ثقة، من أهل الخير. واتفقوا على توثيقه وجلالته. وروينا عن ميمون بن أبى حمزة، قال: سافر الأسود بن يزيد ثمانين حجة وعمرة، لم يجمع بينهما، وسافر ابنه عبد الرحمن ثمانين حجة وعمرة لم يجمع بينهما. وروينا أن ابنه عبد الرحمن كان يصلى كل يوم سبعمائة ركعة، وكانوا يقولون: إنه أقل أهل بيته اجتهادًا، وإنه صار عظمًا وجلدًا، رضى الله عنهم.