للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

يعنى داود وشبهه، فقال الجمهور: إنهم لا يبلغون رتبة الاجتهاد، ولا يجوز تقليدهم القضاء، وهذا ينفى الاعتداد به فى الإجماع.

ونقل الأستاذ أبو منصور البغدادى من أصحابنا، عن أبى على بن أبى هريرة وطائفة من الشافعيين أنه لا اعتبار بخلاف داود وسائر نفاة القياس فى الفروع، ويعتبر خلافهم فى الأصول.

وقال إمام الحرمين: الذى ذهب إليه أهل التحقيق أن منكرى القياس لا يعدون من علماء الأمة وحملة الشريعة؛ لأنهم معاندون مباهتون فيما ثبت استفاضة وتواترًا، ولأن معظم الشريعة صادرة عن الاجتهاد، ولا تفى النصوص بعشر معشارها، وهؤلاء ملتحقون بالعوام.

وذكر إمام الحرمين أيضًا فى النهاية فى كتاب الكفارات قول داود، أن الرقبة المعيبة تجزىء فى الكفارة، وأن الشافعى، رضى الله عنه، نقل الإجماع أنها لا تجزىء. ثم قال: وعندى أن الشافعى، رحمه الله، لو عاصر داود لما عده من العلماء.

وقال الشيخ أبو عمرو بن الصلاح بعد أن ذكر ما ذكرته أو معظمه، قال: الذى اختاره الأستاذ أبو منصور وذكر أنه الصحيح من المذهب أنه يعتبر خلاف داود. وقال الشيخ: وهذا الذى استقر عليه الأمر آخرًا كما هو الأغلب الأعرف من صفو الأئمة المتأخرين، الذين أوردوا مذهب داود فى مصنفاتهم المشهورة، كالشيخ أبى حامد، والمحاملى، يعنى الماوردى، والقاضى أبى الطيب وشبههم، فلولا اعتدادهم به لما ذكروا مذهبه فى مصنفاتهم هذه.

قال الشيخ: والذى أجيب به بعد الاستخارة والاستعانة بالله تعالى أن داود يعتبر قوله، ويعتد به فى الإجماع إلا فيما خالف فيه القياس الجلى، وما أجمع عليه القياسيون من أنواعه أو بناه على أصوله التى قام الدليل القاطع على بطلانها باتفاق من سواه على خلافه إجماع منعقد، وقوله المخالف حينئذ خارج من الإجماع كقوله فى التغوط فى الماء الراكد، وتلك المسائل الشنيعة، وقوله: لا ربا إلا فى الستة المنصوص عليها، فخلافه فى هذه وشبهه غير معتد به؛ لأنه

<<  <  ج: ص:  >  >>