من بنى سليم، وهو الذى قال: يا رسول الله، أقصرت الصلاة أم نسيت؟ حين سلم فى ركعتين، وليس هو ذا الشمالين الذى قُتل يوم بدر؛ لأن ذا الشمالين خزاعى قُتل يوم بدر، وذو اليدين سلمى عاش بعد النبى - صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - زمانًا حتى روى المتأخرون من التابعين عنه. واستدل العلماء لما ذكرناه بأن أبا هريرة شهد قصة السهو فى الصلاة، ففى صحيحى البخارى ومسلم عن أبى هريرة، قال: صلى بنا رسول الله - صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -، وبينا نحن نصلى مع رسول الله - صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - إحدى صلاتى العشاء، فسلم من ركعتين، فقال له ذو اليدين ... الحديث.
وأشباه هذه الألفاظ المصرحة بأن أبا هريرة حضر القصة وهو مسلم. وقد اجتمعوا على أن أبا هريرة إنما أسلم عام خيبر سنة سبع من الهجرة بعد بدر بخمس سنين، وكان الزهرى يقول: إن ذا اليدين هو ذو الشمالين، وأنه قُتل ببدر، وأن قصته فى الصلاة كانت قبل بدر، تابعه أصحاب أبى حنيفة على هذا، وقالوا: كلام الناس فى الصلاة يبطلها، وادعوا أن هذا الحديث منسوخ، والصواب ما سبق.
وقد أطنب أعلام المحدثين فى إيضاح هذا، ومن أحسنهم له إيضاحًا الحافظ أبو عمر ابن عبد البر فى كتاب التمهيد فى شرح الموطأ، وقد لخصت مقاصد ما ذكره مع ما ذكره غيره فى شرح صحيح مسلم، وفى شرح المهذب. قال ابن عبد البر: واتفقوا على أن الزهرى غلط فى هذه القصة، والله أعلم.
قال العلماء: وإنما قيل له ذو اليدين؛ لأنه كان فى يديه طول، ثبت فى الصحيح أن النبى - صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - كان يسميه ذا اليدين، وكان فى يديه طول. وفى رواية أنه بسيط اليدين.