قول الإمام أحمد بن حنبل وغيره: أن سعيد بن المسيب أفضل التابعين، فمرادهم أفضلهم فى علوم الشرع، وإلا ففى صحيح مسلم عن عمر بن الخطاب، رضى الله عنه، قال: سمعت رسول الله - صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - يقول: “إن خير التابعين رجل يقال له: أويس، وكان به بياض، فمروه فليستغفر لكم”.
وأما قول أصحابنا المتأخرين: مراسيل سعيد بن المسيب حجة عند الشافعى، فليس على إطلاقه على المختار، وإنما قال الشافعى، إرسال ابن المسيب عندنا حسن. ولأصحابنا المتقدمين فيها وجهان مشهوران، أحدهما: أنها حجة مطلقة، قالوا: لأنها فتشت فوجدت مسندة. والثانى، وهو الصحيح واختاره المحققون: أنها كغيرها من مراسيل كبار التابعين، فإن اعتضدت بمسند أو بمرسل من جهة أخرى أو قول بعض الصحابة أو أكثر الفقهاء بعدهما، كانت حجة عند الشافعى، وإلا فلا؛ لأنه وجد فيها ما ليس مسندًا بحال، كذا ذكره البيهقى، والخطيب البغدادى، وغيرهما من الحفاظ المتقنين.
وقد بسطت القول فيه فى علوم الحديث، ومقدمة شرح المهذب، ومن غرائب ابن المسيب قوله: إن المطلقة ثلاثًا تحل للأول بمجرد عقد الثانى من غير وطء، وقال جميع العلماء بسواه: يشترط الوطء.
٢١٣ - سعيد بن أبى عروبة (١) :
مذكور فى المختصر فى كتاب العتق، هكذا يقال: ابن أبى عروبة، ولا يستعمله المحدثون وأصحاب الأسماء والتواريخ إلا هكذا. وقال ابن قتيبة فى أدب الكاتب: صوابه ابن أبى العروبة، وهو أبو النضر سعيد بن مهران بن عروبة العدوى عدى يشكر، مولاهم البصرى، سمع الحسن، وابن سيرين، وقتادة، وآخرين من التابعين.
روى عنه الأعمش، وهو تابعى، والثورى، وشعبة، وخلائق. واتفقوا على توثيقه. روى له البخارى ومسلم، واختلط قبل وفاته. وحكم المختلط أنه لا يُحتج بما روى عنه فى الاختلاط أو شك فى وقت تحمله، ويحتج بما روى عنه قبل الاختلاط، وما كان فى الصحيحين عنه محمول على الأخذ عنه قبل اختلاطه. توفى سنة ست، وقيل: سبع وخمسين ومائة، رحمه الله تعالى.
(١) طبقات ابن سعد (٧/٢٧٣) ، والتاريخ الكبير للبخارى (٣/١٦٧٩) ، والجرح والتعديل (٤/٢٧٦) ، وتاريخ الإسلام (٦/١٨٣) ، وسير أعلام النبلاء (٦/٤١٣) ، وميزان الاعتدال (٢/٣٢٤٢) ، وتذكرة الحفاظ (١/١٧٧) ، وتهذيب التهذيب لابن حجر (٤/١١٠) . تقريب التهذيب (٢٣٦٥) وقال: “ثقة حافظ له تصانيف لكنه كثير التدليس واختلط وكان من أثبت الناس في قتادة من السادسة مات سنة ست وقيل سبع وخمسين ع.