للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

والرهن، وفى العتق. هو أبو بسطام شعبة بن الحجاج بن الورد العتكى الأزدى، مولاهم الواسطى، ثم البصرى، مولى عبدة بن الأغر، وعبدة مولى يزيد بن المهلب الأزدى. كان شعبة من واسط، ثم انتقل إلى البصرة فاستوطنها، وهو من تابعى التابعين، وأعلام المحدثين، وكبار المحققين، رأى الحسن ومحمد ابن سيرين، وسمع أنس بن سيرين، وعمرو بن دينار، والشعبى، وخلائق لا يحصون من التابعين، وخلائق من غيرهم.

روى عنه الأعمش، وأيوب السختيانى، ومحمد بن إسحاق التابعيون، والثورى، وابن مهدى، ووكيع، وابن المبارك، ويحيى القطان، وخلائق لا يحصون من كبار الأئمة. وأجمعوا على إمامته فى الحديث، وجلالته، وتحريه، واحتياطه، وإتقانه.

قال الإمام أحمد بن حنبل: لم يكن فى زمن شعبة مثله فى الحديث، ولا أحسن حديثًا منه، قسم له منه حظ، وروى عن ثلاثين رجلاً من الكوفة لم يرو عنهم سفيان الثورى. وقال الشافعى: لولا شعبة ما عرف الحديث بالعراق. قال: وكان يجىء إلى الرجل، يعنى الذى ليس أهلاً للحديث، فيقول: لا تحدث وإلا اشتكيت عليك إلى السلطان.

وقال حماد بن زيد: قال لنا أيوب: الأن يقدم عليكم رجل من أهل واسط يقال له: شعبة، هو فارس الحديث، فحدِّثوا عنه. وقال أبو الوليد الطيالسى: اختلفت إلى حماد بن سلمة، فقال: إذا أردت الحديث فالزم شعبة. وقال حماد بن زيد: لا أبالى من يخالفنى إذا وافقنى شعبة؛ لأن شعبة كان لا يرضى أن يسمع الحديث مرة، وإذا خالفنى شعبة فى شىء تركته. وقال يحيى القطان: شعبة أكبر من الثورى بعشر سنين، والثورى أكبر من ابن عيينة بعشر سنين. وقال أحمد بن حنبل: كان شعبة أمة وحده فى هذا الشأن، يعنى علم الحديث وأحوال الرواة.

وروينا عن ابن مهدى، قال: كان سفيان، يعنى الثورى، يقول: شعبة أمير المؤمنين فى الحديث. وروينا عن الثورى أيضًا أنه قال لمسلم بن قتيبة حين قدم من البصرة: ما فعل أستاذنا شعبة. وروينا عن أبى بحر البكراوى، قال: ما رأيت أعبد لله من شعبة، حتى جف جلده على عظمه ليس بينهما لحم. وروينا عن صالح بن محمد، قال: أول مَن تكلم فى

<<  <  ج: ص:  >  >>