للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

إذا ذكر الأحبار من كل بلدة ... فهم أنجم فيها وأنت هلالها

وقال المعتمر بن سليمان: ما رأيت مثل ابن المبارك، يصيب عنده الشىء الذى لا يصاب عند أحد. وقال عبد الرحمن بن مهدى: حدثنى ابن المبارك، وكان نسيج وحده. قال: وهو أفضل من الثورى، فقيل له: إن الناس يخالفونك، فقال: إن الناس لم يجربوا، ما رأيت مثل ابن المبارك. وقال أيضًا: الأئمة أربعة: الثورى، ومالك، وحماد بن زيد، وابن المبارك.

وقال الأوزاعى لأبى عثمان الكلابى: لو رأيت ابن المبارك لقرت عينك. وقال أبو إسحاق الفزارى: ابن المبارك إمام المسلمين. وقال أبو أسامة: ابن المبارك فى أصحاب الحديث كأمير المؤمنين فى الناس. وقال أحمد بن حنبل: لم يكن فى زمن ابن المبارك أطلب للعلم منه، رحل إلى اليمن، ومصر، والشام، والبصرة، والكوفة، وكان من رواة العلم وأهل ذلك، كتب عن الصغار والكبار، وجمع أمرًا عظيمًا، كان صاحب حديث حافظًا.

وقال عبد الرحمن بن أبى جميل: قلنا لابن المبارك: يا عالم المشرق حدثنا، فسمعنا سفيان، فقال: ويحكم، عالم المشرق والمغرب وما بينهما. وقال شعيب بن حرب: كنا نأتى ابن المبارك نحفظ عنه، فما نستطيع أن يتعلق عليه بشىء.

وروينا عن عبثر بن القاسم، قال: لما قدم ابن المبارك وهارون الرشيد الرقة، أشرفت أم ولد له من قصر، فرأت الغبرة قد ارتفعت، والنعال قد تقطعت، وانجفل الناس، فقالت: من هذا؟ قالوا: عالم من خراسان يقال له: ابن المبارك، فقالت: هذا والله الملك لا ملك هارون الذى لا يجمع الناس إلا بالسوط والخشب.

وقال أسود بن سالم: كان ابن المبارك إمامًا يقتدى به، وهو من اثبت الناس فى السنة. وقال محمد بن سعد: طلب ابن المبارك العلم، وروى رواية كثيرة، وصنف كتبًا كثيرة فى أبواب العلم وصنوفه، وقال الشعر فى الزهد والحث على الجهاد، وسمع علمًا كثيرًا، وكان ثقة، مأمونًا، حجة، كثير الحديث.

توفى بهيت منصرفًا من الغزو سنة إحدى وثمانين ومائة، وهو ابن ثلاث وستين سنة. قال البخارى: توفى فى رمضان من السنة المذكورة. قلت: هيت مدينة معروفة على

<<  <  ج: ص:  >  >>