للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

رأى فى السماء الثانية ابنى الخالة عيسى ابن مريم ويحيى بن زكريا.

وفى الصحيحين عن أبى هريرة، أن النبى - صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - حين أسرى به، قال: "ولقيت عيسى"، فنعته النبى - صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -، "فإذا ربعة أحمر كأنما خرج من ديماس" (١) ، يعنى حمامًا.

وفى الصحيحين عنه، عن النبى - صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - قال: "رأى عيسى ابن مريم رجلاً يسرق، فقال له: أسرقت؟ قال: كلا والذى لا إله إلا هو، فقال عيسى: آمنت بالله وكذبت عينى" (٢) .

وفى الصحيحين عنه، قال: قال رسول الله - صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -: "والذى نفسى بيده ليوشكن أن ينزل فيكم ابن مريم حكمًا عدلاً فيكسر الصليب، ويقتل الخنزير، ويضع الجزية، ويفيض المال حتى لا يقبله أحد حتى يكون السجدة الواحدة خيرًا من الدنيا وما فيها" (٣) ، ثم يقول أبو هريرة: واقرءوا إن شئتم: {وَإِن مِّنْ أَهْلِ الْكِتَابِ إِلاَّ لَيُؤْمِنَنَّ بِهِ قَبْلَ مَوْتِهِ} [النساء: ١٥٩] .

وفى الصحيحين عن عبادة بن الصامت، عن النبى - صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - قال: "من شهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له، وأن محمدًا عبده ورسوله، وأن عيسى عبد الله ورسوله وكلمته ألقاها إلى مريم وروح منه، والجنة حق، والنار حق، أدخله الله الجنة على ما كان من العمل" (٤) .

وفى صحيح مسلم أن رسول الله - صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - قال: "ينزل عيسى على المنارة البيضاء شرثى دمشق" (٥) .

قال الإمام أبو إسحاق الثعلبى فى كتابه العرائس: اختلف العلماء فى مدة حمل مريم بعيسى، فقيل: تسعة أشهر، وقيل: ثمانية، وقيل: ستة، وقيل: ساعة، وقيل: ثلاث ساعات، ووضعته عند الزوال، وهى بنت عشر سنين، وكانت حاضت قبله حيضتين، وقيل: كانت بنت خمس عشرة سنة، وقيل: ثلاث عشرة، وأنه كلم الناس وهو ابن أربعين يومًا، ثم لم يتكلم بعدها حتى بلغ زمن كلام الصبيان.

وكان زاهدًا لم يتخذ بيتًا ولا متاعًا، وكان قوته يومًا بيوم، وكان سياحًا فى الأرض، وكان يمشى على الماء، ويبرىء الأكمه والأبرص، ويحيى الموتى بإذن الله، ويخبرهم بما يأكلون ويدخرون فى بيوتهم، وكان له الحواريون الذين ذكرهم الله تعالى فى كتابه، وهم الأنصار، وكانوا اثنى عشر رجلاً، وكانوا أصفيائه وأنصاره ووزرائه، قيل: كانوا أولاد صيادين، وقيل: قصارين، وقيل: ملاحين.

ومما أكرمه الله تعالى به تأييده بروح القدس. قال الله تعالى: {وَأَيَّدْنَاهُ بِرُوحِ الْقُدُسِ} [البقرة: ٨٧] ، قيل: هو الروح الذى نفخ فيه. وقيل: جبريل الذى كان يأتيه ويسير معه، وقيل: هو اسم الله الأعظم، وبه كان يحيى الموتى، ويرى الناس تلك العجائب، ومنها علمه التوراة والإنجيل، وكان يقرئهما حفضًا، ومنها أنه يخلق من الطين كهيئة الطير فينفخ فيه فيكون طيرًا بإذن الله.

قال الثعلبى: قالوا: وإنما كان يخلق الخفاش خاصة؛ لأنه أكمل الطير خلقة، له ثدى، وأسنان، ويلد، ويحيض، ويطير. قال: وقال وهب بن منبه: كان يطير حتى يغيب عن الناس، ثم يقع ميتًا حتى يتميز فعل الله تعالى من فعل غيره. ومنها إبرائه الأكمه والأبرص، والأكمه الذى ولد أعمى، وإنما خص هذين لأنهما لا يرجا زوالهما، ولا حيلة للمخلوقين فيهما، وكان زمن الأطباء، فظهرت بهما المعجزة.

ومنها إحيائه الموتى، قالوا: فأحيا جماعة منهم: العاذر أحياه بعد موته ودفنه بثلاثة أيام، فقام وعاش مدة، وولد له بعد ذلك، ومنهم ابن العجوز، وقصته مشهورة، أحياه وهو محمول على نعشه فى أكفانه، فعاش وولد له، ومنهم بنت العاشر، أحياها وولدت بعد ذلك، ومنهم سام بن نوح، عليه السلام، وعزير، وقصتهما مشهورة.


(١) أخرجه البخارى (٣/١٢٤٣، رقم ٣٢١٤) ، ومسلم (١/١٥٤، رقم ١٦٨) ، والترمذى (٥/٣٠٠، رقم ٣١٣٠) وقال: حسن صحيح.
(٢) أخرجه أحمد (٢/٣١٤، رقم ٨١٣٩) ، والبخارى (٣/١٢٧١، رقم ٣٢٦٠) ، ومسلم (٤/١٨٣٨، رقم ٢٣٦٨) ، والنسائى (٨/٢٤٩، رقم ٥٤٢٧) ، وابن ماجه (١/٦٧٩، رقم ٢١٠٢) .
(٣) أخرجه أحمد (٢/٥٣٨، رقم ١٠٩٥٧) ، والبخارى (٣/١٢٧٢، رقم ٣٢٦٤) ، ومسلم (١/١٣٥، رقم ١٥٥) ، والترمذى (٤/٥٠٦، رقم ٢٢٣٣) وقال: حسن صحيح. وابن ماجه (٢/١٣٦٣، رقم ٤٠٧٨) . وأخرجه أيضا: أبو عوانة (١/٩٨، رقم ٣١١) ، والبيهقى (٩/١٨٠، رقم ١٨٣٩٥) .
(٤) أخرجه أحمد (٥/٣١٣، رقم ٢٢٧٢٧) ، والبخاري (٣/١٢٦٧، رقم ٣٢٥٢) ، ومسلم (١/٥٧، رقم ٢٩) ، وابن حبان (١/٤٣١، رقم ٢٠٢) . وأخرجه أيضا: النسائي (٦/٣٣١، رقم ١١١٣٢) .
(٥) حديث أوس بن أوس: أخرجه الطبراني (١ / ٢١٧، رقم ٥٩٠) ، قال الهيثمي (٨/٢٠٥) : رواه الطبراني ورجاله ثقات. وابن عساكر (١/ ٢٢٧) ، وأورده ابن أبي حاتم في العلل= = (٢/٤٢٢، رقم ٢٢٧١) وقال: قال أبي: إنما هو عن أوس بن أوس عن كعب قوله كذا يرويه الثقات.
حديث كيسان: أخرجه الطبراني (١٩ / ١٩٦، رقم ٤٤٠) ، وابن عساكر (١ / ٢٢٨) ، وأخرجه أيضًا: البخاري في التاريخ (٧ / ٢٣٣، ترجمة ١٠٠٢ كيسان) .
حديث النواس: أخرجه عساكر (٥٣ / ٤٦) ، وأخرجه أيضًا: ابن قانع (٣ / ١٦٣، ترجمة ١١٣٨) .

<<  <  ج: ص:  >  >>