للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

على إمامته، وجلالته، وعظم سيادته، وتبجيله، وتوقيره، والإذعان له فى الحفظ والتثبيت، وتعيظم حديث رسول الله - صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -.

قال البخارى: أصح الأسانيد مالك، عن نافع، عن ابن عمر. وفى هذه المسألة خلاف، وسبق مرات، فعلى هذا المذهب قال الإمام أبو منصور التميمى: أصحها الشافعى، عن مالك، عن نافع، عن ابن عمر، عن النبى - صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -. وقال سفيان: ما كان أشد انتقاد مالك للرجال. وقال ابن المدينى: لا أعلم مالكًا ترك إنسانًا إلا من فى حديثه شىء.

قال أحمد بن حنبل، وابن معين، وابن المدينى: أثبت أصحاب الزهرى مالك. وقال أبو حاتم: مالك ثقة، وهو إمام أهل الحجاز، وهو أثبت أصحاب الزهرى. وقال الشافعى: إذا جاء الأثر، فمالك النجم. وقال الشافعى أيضًا: لولا مالك وسفيان، يعنى ابن عيينة، لذهب علم الحجاز، وكان مالك إذا شك فى شىء من الحديث تركه كله. وقال أيضًا: مالك معلمى، وعنه أخذنا العلم.

وقال حرملة: لم يكن الشافعى يقدم على مالك أحدًا فى الحديث. وقال وهب بن خالد: ما بين المشرق والغرب رجل آمن على حديث رسول الله - صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - من مالك.

وروينا بالإسناد الصحيح فى الترمذى وغيره، عن أبى هريرة، قال: قال رسول الله - صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -: “يوشك أن تضرب الناس أباط المطى فى طلب العلم، فلا يجدون عالمًا أعلم من عالم المدينة” (١) . قال الترمذى: حديث حسن. قال: وقد روى عن سفيان بن عيينة، قال: هو مالك بن أنس.

وروينا عن أبى سلمة الخزاعى، قال: كان مالك إذا أراد أن يخرج يُحَدِّث توضأ وضوءه للصلاة، ولبس أحسن ثيابه، ومشط لحيته، فقيل له فى ذلك، فقال: أوقر به حديث رسول الله - صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -.

وروينا عن معن بن عيسى، قال: كان مالك إذا أراد أن يجلس للحديث اغتسل وتبخر وتطيب، فإن رفع أحد صوته فى مجلسه، قال: قال الله تعالى: {يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا لاَ تَرْفَعُوا أَصْوَاتَكُمْ فَوْقَ صَوْتِ النَّبِىِّ} [الحجرات: ٢] ، فمن رفع صوته عند حديث النبى - صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - فكأنما رفع صوته فوق صوت رسول الله - صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -.

وروينا عن حبيب الوراق، قال: دخلت على مالك فسألته عن ثلاثة رجال: لِم لَم ترو عنهم؟ قال: فأطرق، ثم رفع رأسه، وقال: ما شاء الله، لا قوة إلا بالله، وكان كثيرًا


(١) أخرجه الترمذي (٥ / ٤٧، رقم ٢٦٨٠) وقال: هذا حديث حسن. والحاكم (١ / ١٦٨، رقم ٣٠٧) وقال: هذا حديث صحيح على شرط مسلم ولم يخرجاه. وأخرجه أيضًا: البيهقي (١ / ٣٨٥، رقم ١٦٨١) وقال: رواه الشافعي في القديم عن سفيان بن عيينة.

<<  <  ج: ص:  >  >>