وإذا اختلفوا فالحكم لمالك، ومالك تقى الرجال نقى الحديث، وهو أتقن حديثًا من الثورى والأوزاعى.
قال: وحدثنا أحمد بن سنان، قال: سمعت عبد الرحمن بن مهدى يقول: كنا عند مالك، فجاء رجل فقال: يا أبا عبد الله، جئتك من مسيرة ستة أشهر، حملنى أهل بلدى مسألة أسألك عنها، فقال: سل، فسأله فقال: لا أحسن، فقطع بالرجل كأنه قد جاء إلى من يعلم كل شىء، قال: وأى شىء أقول لأهل بلدى إذا رجعت إليهم؟ فقال: قل: قال لى مالك بن أنس: لا أحسن.
وعن خالد بن نزار الأبلى، قال: ما رأيت أحدًا أقرأ لكتاب الله تعالى من مالك. وعن ابن وهب، قال: قيل لأخت مالك: ما كان شغله فى بيته؟ قالت: المصحف والتلاوة. وعن على بن المدينى، قال: لم يكن بالمدينة أعلم بمذهب تابعيهم من مالك بن أنس. وعن شعبة، قال: دخلت المدينة ونافع حى ولمالك حلقة.
وعن أبى مصعب، قال: رأيت معن بن عيسى جالسًا على العتبة وما ينطلق مالك بشىء إلا كتبه. وعن أبى مصعب أيضًا قال: كانوا يزدحمون على باب مالك بن أنس، فيقتتلون على الباب من الزحام، وكنا نكون عند مالك فلا يكلم هذا هذا، ولا يلتفت ذا إلى ذا، والناس قائلون برءوسهم هكذا، وكانت السلاطين تهابه وهم قائلون ومستمعون، وكان يقول فى المسألة: لا، أو نعم، فلا يقال له: من أين قلت هذا؟.
وعن محمد بن رمح، قال: رأيت النبى - صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - من أربعين سنة فى المنام، فقلت له: يا رسول الله، مالك والليث يختلفان فى مسألة، فقال النبى - صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -: مالك، مالك، مالك، ورث جدى، يعنى إبراهيم، عليه السلام.
وعن بكر قال: رأيت فى النوم أنى دخلت فى الجنة، فرأيت الأوزاعى وسفيان الثورى، ولم أر مالكًا، فقلت: وأين مالك؟ قالوا: وأين مالك، وأين مالك، رفع مالك، فما زال يقول: وأين مالك رفع مالك، حتى سقطت قلنسوته.
وقال الإمام أبو القاسم عبد الملك بن زيد بن ياسين الدولقى فى كتابه الرسالة المصنفة فى بيان سبل السنة المشرفة: أخذ مالك على تسعمائة شيخ، منهم ثلاثمائة من التابعين، وستمائة من تابيعهم ممن اختاره، وارتضى دينه، وفقهه، وقيامه بحق الرواية وشروطها، وخلصت الثقة به، وترك الرواية عن أهل دين